جهة أنه قد علم أن الحق إذا توارد مع حق أخر على الأخبار بأمر فلابد أن يكون أحدهما مصدقا للأخر لا محالة , وقوله} وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه {, فتصديق القران واستقامة الصراط حالان مؤكدان , إذ هما معلومان من الكلام الذي قبلهما , وهما وصفان لازمان.
ومثل ذلك قول الشاعر:
ولا عيب فيها غير شكله عينها ... كذاك عتاق الطير شكلاً عيونا
ألا ترى أن شكله العين لازمه لها , وأن قوله «شكلاً عيونها» مؤكد للكلام , لأنه معلوم من قوله «كذاك عتاق الطير» أن عتاق الطير شكل العيون.
وزعم المصنف في الشرح أن من قبيل ما اختلف لفظهما قولك: هو أبوك عطوفاً , وهو الحق بيناً , قال:«لأن الأب والحق صالحان للعمل , فلا حاجه إلي تكلف إضمار عامل بعدهما».
ومثالهما في بيان يقين: هو زيد معلوماً , وقال:
أنا ابن داره معروفاً بها نسبى ... وهل بداره - يا للناس - من عار
كأنه قال: لا شك فيه.
وفى فخر: أنا فلان شجاعاً , أو كريماً. وفى تعظيم: هو فلان جليلاً مهيباً.
وفى تصاغر: أنا عبدك فقيراً إلى عفوك. وفى تحقير: هو فلان مأخوذاً مقهوراً. وفى وعيد: أنا فلان متمكناً منك فاتق غضبى , وقال الراجز: