للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا حجة في هذا؛ لأنه يقول: هذا هو الأصل، ولما رُكّب الكاف و «ما»

صُيِّرا شيئًا واحدًا، فحدَث لهما بالتركيب معنًي غير الذي كان لكل واحد

منهما، كما قال النحويون في لولا وفي هلاُ، فإنهم زعموا أنها مركبة من «لو» ومن «لا»، ومن «هل» و «لا»، ثم صار لهما بالتركيب معنًي لم يُلحظ فيه معنَى كل واحد منهما، وحُكمُ لم يكن لواحد منهما، وصار مدلولهما غير مدلول كل واحد منهما، والكسائي لم يدَّعِ أنَّ كلاَّ من كاف التشبيه و «ما» الاستفهامية باقٍ على مدلوله قبل التركيب.

ورُدَّ مذهبه أيضًا بدخول حرف الجر عليها، واستعمالِها مبتدأةً ومفعولةً في

فصيح الكلام، فدلً على فساد مذهبه، لأنَّ كاف التشبيه لا تُستعمل اسمًا إلا في ضرورة الشعر. انتهى.

ولا حجة في هذا؛ لأنَّ حرف الجر يدخل على «كذا»، وهي مركبة من

كاف التشبيه ومن اسم الإشارة، فتقول: اشتريته بكذا، فلا ينافي دخول حرف الجر علي ما هو مركَب من كاف التشبيه وغيره؛ لأنه قد أُميت فيه مدلول حرف التشبيه وما رُكِّب معه الذي كان له قبل التركيب، وأريد به معنًى آخر، حدث بالتركيب. وكذلك استعملوا «كذا» مبتدأةً، فقالوا: له عندي كذا. وكذلك «كأيَن»، هي مركبة من كاف التشبيه و «أيّ»، واسُتعملت مبتدأَ ومفعولاً بها؛ لأنه حدث لها بالتركيب معنًى لم يكن لكل واحد منهما حالة الإفراد.

ويؤنِّس ما قاله الكسائي من التركيب أنّ «كم» كناية مثل كأيِّن وكذا،

فكما أنَّ كأيَّن وكذا مركبان /من كاف التشبيه وشيء آخر، كذلك ينبغي أن تكون «كم»؛ لتجري الكنايات علي نسق واحد في أنَّ أصلها كلمتان صُيِّرتا كالكلمة الواحدة، وصار لها معنًى خلاف ما كان لكلِّ واحد منهما قبل التركيب.

وقوله اسمُ استبدالً علي اسميتها بدخول حرف الجر عليها، وبالإضافة إليها، وعودِ الضمير عليها، والإسناد إليها، وكونِها تكون معمولة لعوامل النصب.

<<  <  ج: ص:  >  >>