-[ص: وإن أخبر بـ «كم» قصدًا للتكثير فممَّيزُها كممّيز عشرة أو مئة مجرورُ بإضافتها إليه لا بـ «من» محذوفة، خلافًا للفراء. وإن فُصل نُصب حملاً على الاستفهامية، وربما نُصب غيرَ مفصول، وقد يُجرُّ في الشعر مفصولاً بظرف أو جارِّ ومجرور، لا بجملة ولا بهما معًا.]-
ش: هذا هو القسم الثاني لـ «كم»، وهو أن تكون خبرية. وما ذكره المصنف من كون كم الخبرية يراد بها العدد الكثير هو مذهب المبرد ومَن بعده مِن النحاة إلا أبا بكر بن طاهر وتلميذه ابن خروف، فإنهما زعما أنها تقع على القليل والكثير من حيث كان معناها معنى رُبَّ، فكما أنَّ ربَّ تكون للتقليل، وتكون للتكثير في مواضع المباهاة والافتخار، فكذلك كم.
وزعما أنَّ ذلك هو مذهب س والكسائي، قال س:«ومعناها معنى ربَّ» وقال الكسائي: وتقول كم رجلٍ كريمٍ قد أتاني، فكم إخبار بمعنى رُبَّ، ورجل خفض بـ «كم»، وكريم: نعت، و «قد أتاني» خبر كم، والمعنى: رُبَّ رجلٍ كريمٍ قد أتاني، إلا أنَّ كم اسمُ مبتدأ، وقد أتاني خبره، ورُبَّ حرف. قالا:«فهذا نص منهما على أنها تقع على القليل والكثير، كما أنَّ ربَّ كذلك». قال ابن خروف:«ومن الدليل على وقوع كم على القليل ما حكاه الأخفش عن العرب: كم مكث عبد الله أيومًا أم يومين؟ ففسر بالواحد والاثنين». فوجه الدليل من ذلك عنده أنَّ كم الاستفهامية هي كم الخبرية في اللفظ والمعنى، لا تفارقها في أكثر من أنها متضمنة لحرف الاستفهام، وإلا فهما معًا واقعان على عدد مبهم، فكما أنَّ كم الاستفهامية تقع على القليل، فكذلك الخبرية؛ إذ لا يختلف مسمى الاسم بالنظر إلى الاستفهام والخبر.