جعلوا للإيجاب حرفًا كما جعلوا للنفي، فلم يفعلوا ذلك، لكنهم ضمَّنوا كم معناه، فلذلك بُنيت.
قال ابن هشام: ولا أعرف أحدًا قال هذه المقالة، ولا نظير له من كلامهم،
والقياس لا يعطيه؛ لأنَّ التضمن فرع على الوجود، فإذا لم توجد الكلمة لم ينبغ أن تُضَمَّن كلمة معناها.
وقوله وتقع في حالتيها مبتدأ حالاتها هما الاستفهام والخبر. أخذ المصنف في ذكر محاّلها من الإعراب لئلا يُتَوَهَّم أنها لَّما أشبهت رُبَّ كانت حرفًا. ومن استعمالها مبتدأة قول العرب: كم رجلٍ أفضلُ منك، برفع أفضل، ولا يقولون: رُبَّ رجلٍ أفضلُ منك، في فصيح الكلام، فأمَّا قوله:
........................ ... ......................... ورُبَّ قتل عارُ
فـ ((عار)) خبر مبتدأ محذوف، أي: هو عارُ، وقد أظهره الشاعر في قوله
يا رُبَّ هَيْجَا، هِيَ خَيرُ مِن دَعَهْ ... ......................................
وإنما جاز ذلك في رُبَّ تشبيهًا للصفة بالصلة، فكما لا يجوز ذلك في الصلة إلا في الطول، فكذلك في الصفة في باب رُبَّ، ولما كان تمييز كم مبهمًا كما أنها مبهمة كان ــ إذا كانت مبتدأة ــ الأحسن في خبرها أن يكون فعلاً أو اسمًا نكرة،