وكَمْ مالىٍء عَينَيه مِنْ شيء غيرِهِ ... إذا راحَ نحوَ الجَمرِة البِيضُ كالدُّمَى
كأنه قال: في الحج، أو: بِمِنَى، لدلالة الكلام عليه.
وإذا كانت كم مبتدأة فلا يدخل عليها من العوامل إلا ما يعمل فيما قبله،
نحو ظننت، تقول: كم ظننت إخوتك؟ وكم عبدًا علمتَ ملكًا لزيدٍ؟ وكم كان إخوتُك؟ ولا تعمل إنَّ وأخواتها ولا ما؛ لأنها لا تعمل فيما قبلها.
وذكر أبو علي إعمال الظن فيها وإلغاءه، فقال: كم تُرى الحرورية رجلاً؟ بنصب الحرورية على الإعمال، ورفعها على الإلغاء، ويقدر بناؤها للمتعدي إلى ثلاثة، ولم يُستعمل ذلك، وإن لم يكن بُدُّ من تقديره.
وقوله ومفعولاً يريد: ومفعولاً به، سواء أتعدّى الفعل إليه بحرف جر أو بنفسه، مثال ما وصل إليه الفعل بنفسه: كم غلامًا اشتريتَ؟ وكم غلامٍ اشتريتُ، فموضوع كم نصب على المفعول به، وكأنك قلت: أعشرين غلامًا اشتريتَ أم ثلاثين؟ وكثيرًا من الغلمان اشتريتُ. والدليل على أنَّ كم مفعول بها أنَّ اشتريت فعل متعدَّ إلى واحد، وهو مفرَّغ للعمل في كم؛ لأنه لم يشتغل بغيرها، فوجب لذلك أن يُحكَم عليها بأنها في موضوع نصب على المفعول باشتريت؛ لأنك لو لم تفعل ذلك لكنت قد هيَّأت العامل للعمل، وقطعتَه عنه، وذلك غير جائز. ومثال وصول الفعل بحرف جر: على كم مسكينٍ تصدقتُ، أو تصدقتَ؟