ومن موافقته لَفعُلَ خَلُقَ الثوبُ وأَخْلَقَ، أي: بَلِيَ، وبَطُؤَ وأَبْطَأ معلوم، وبَؤسَ وأَبْأَسَ، أي: ساءت حالُه، ونظائر ذلك كثيرة. فلكون أَفْعَلَ مختصَّا من بين الأفعال المغايرة للثلاثي بمشابهته لفظًا وموافقته معنًى أجراه س مجراه في اطَّراد بناء فِعلَي التعجب منه» انتهى.
وما ذكره المصنف من الاستدلال على جواز التعجب من أَفْعَلَ مطلقًا بأنه قد استُغنيِ عن ما أَفْعَلَه بما أَفْعَلَ فِعلَه، وقوله «لا تقول: ما أَجْوَبَه، فإنما يقولون: ما أجْوَدَ جوابَه، ولا تقول: أَجْوِبْ به، وإنما يقال: أَجْوِدْ بجوابه» ـلا دليل فيه على جواز التعجب من أَفْعَلَ مطلقًا؛ لأنَّ همزة أَجابَ ليست للنقل، وإنما هي لغير النقل كأَظْلَمَ، فلا حجة فيه على جواز التعجب من أَفْعَلَ على الإطلاق.
وقوله وربَّما بُنِيا مِن غيرِ فِعلٍ تقدَّم الكلام معه في دعواه أنَّ قولهم «ما أذْرَعَ فلانة» مصوغ مما يُسمع منه فِعل، ورددنا عليه دعواه ذلك.
وقوله أو فِعلٍ غير متصرَّف تقدَّم تمثيل ذلك.
وقوله وقد يُغني إلى آخره الفعل المستوفي للشروط، واستغنت العرب عن التعجب منه بغيره ــ هو: قامَ، وقعدَ وجلسَ ضدّا قامَ ونامَ، وسَكِرَ، وقالَ من القائلة، وغضبَ، وحكى الأخفش في «الكبير» له عن بعض العرب: ما أَغْضَبَه! وهو قليل، قال:«وسألنا عنه التميميين والقيسيين، فلم يقولوه». قال المصنف في الشرح:«استغنت العرب فيهن بما أشَدَّ سُكْرَه! وما أكْثَرَ قُعودَه وجُلوسَه وقائلتَه! عن: ما أَسْكَرَه وأقْعَدَه وأجْلَسَه وأقْيَلَه» انتهى.