والصفة لا يكون على صيغة ما يرفع المفعول، والمصادر لا تختلف صيغها، فلا يصلح فيها ذلك. وكان ابن خروف يقول: يجوز ذلك إذا لم يقع لبس. وهذا كله خطأ؛ لأنه لم يسمع، والقياس يبطله" انتهى.
وذهب الكوفيون إلى أن المصدر المنون لا يجوز إعماله، وأنه إن وقع بعده مرفوع أو منصوب فإنما هو محمول على فعل مضمر يفسره المصدر من لفظه؛ فإن وجد مثل عجبت من ضرب زيد عمراً فالتقدير: ضرب زيد عمراً. وقالوا في قوله تعالى (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ): إن التقدير: يطعم. وقالوا: المصدر إذا نون انقطع عن أن يحدث إعراباً، وصارت قصته قصة زيد وعمرو.
وقال الفراء: "إن نونت فليس من كلام العرب إلا مستكرها في الأشعار، فإذا رأيته في شعر فهو على نية كلامين" انتهى. ويرد عليه وجوده في أفحص كلام منوناً كما مر من قوله (أَوْ إِطْعَامٌ).
ومن فروع مذهب الكوفيين أنه يختار في المنون أن يكون السابق المفعول والمتأخر الفاعل، نحو: يعجبني ضرب في الدار زيداً عمرو، قاله هشام.
ومن فروعهم أنه إذا نون المصدر، وجرى بعده الفاعل والمفعول - فسبيله أن يفصل بينهما وبينه، فيقال: يعجبني قيام أمس زيد، وهو أحسن من قولك: قيام زيد.
ومن فروعهم أنه إذا رفع الاسم بعد المصدر المنون المحجوز اختير أن يكون ذلك في المدح والذم؛ كقولك: عجبت من قراءة في كل حال القرآن، أي: يقرأ