للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجهٍ كإنسانٍ وأبيض، فتدخل كلًا على كل واحد من الاسمين، وتُخبر عنه بالثاني، فيكذب كلٌ من الكلامين، كقولك: كل إنسانٍ أبيض، فهذا كذبٌ لأن الزنجي إنسانٌ، وليس بأبيض. وكذا: كل أبيض إنسانٌ، فإن كثيرًا من الحيوان أبيض، وليس بإنسانٍ.

والقسم الثاني: أن يكون أحد المعنيين بالنظر إلى دلالة اللفظ أعم بالإطلاق، والآخر أخص كذلك، وتختبره بأن تُدخل كلًا على أحد الاسمين، وتُخبر عنه بالثاني، فإذا صدق ذلك فأعلم بأن الخبر ليس بأخص من المُخبر عنه، وهو الذي أدخلت كلًا عليه، ثم اعكس، فصير الداخل عليه كلٌ خبرًا، وصير الخبر مُخبرًا عنه مضافًا إليه كلٌ، فإن كذب فالداخل عليه كلٌ أولًا - وهو المُخبر عنه - أخص من الخبر، والخبر أعم منه بإطلاق، وهذا هو الذي يعني النحويون عنه - أخص من الخبر، والخبر أعم من بإطلاق، وهذا هو الذي يعني النحويون بقولهم: أنكر الأشياء كذا ثم كذا. فتقول: كل جوهرٍ شيءٌ، وهذا صادق لأن الشيء هو الموجود، وكل جوهر موجود، ونعني بالجوهر المُتحيز الذي قد شغل حيزًا ومكانًا، فلو عكست، فقلت: كل شيء جوهر، أي: كل موجود جوهر متحيز، لكان كذبًا لأن الأعراض أشياء موجودة، وليست/ بجواهر متحيزة، بل كان يكون كفرًا لأن الله تعالى موجود، وليس بجوهر، تعالى الله عن ذلك.

فمعنى قولهم: "أنكرُ النكرات شيءٌ" يعنون: أنكر النكرات الداخل بعضها تحت بعض المتفاضلة في العموم والخصوص. ولذلك لا يرد عليهم أن يقال: ليس "شيء" أنكر من "موجود".

فإن قيل: "معلوم" أنكرُ من "شيء" لأن المعلوم يقع على المعدوم قيل: رب شيءٍ ليس بمعلوم لنا، فلفظة "معلوم" من حيث هي فقط لا بالنظر إلى العالم ليست بأعم من "شيء" على الإطلاق، فلا يرد علينا أن كل شيء معلوم لله تعالى؛ فإن من الأشياء ما هو مجهول عندنا، فيصدق عليه أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>