وأما قوله: يتناول أيضًا (هو) من قوله {هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} فلا يقال إن (هو) يتأول بمصدر؛ إذ الضمير إذا عاد على شيء لا يقال فيه إنه يتأول بذلك الشيء، لو قلت: زيد هو الفاضل، وأعربنا هو مبتدأ، لا نقول إنه يتأول بالاسم العلم الذي هو زيد، ولو قلت: خرج أخوك، فقال قائل: هو من أهل الخير، لا نقول إن "هو" يتأول باسم مضاف إلى ضمير، وهو "أخوك"، فكذلك "هو"، هو عائد على المصدر المفهوم مما قبله، فلا يقال أنه يتأول بمصدر. والحروف المصدرية قليلة جدًا، فالذي كان يناسب أن تعد لا أن تحد كما قلنا/ في أول كلامنا على الموصول.
وقوله ولم يحتج إلى عائد احتراز من "الذي" الموصوف به مصدر محذوف، فإنه يدل على المصدر، ولابد له من عائد، نحو: قمت الذي قمت، تريد: القيام الذي قمت، فهذا لابد من تقدير عائد، أي: قمته. قال المصنف:"ومثال ذلك قوله تعالى: {وخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} أي: كالخوض الذي خاضوه، حذف الخوض، وأقام (الذي) مقامه، وحذف العائد إلى (الذي) لأنه منصوب متصل بفعل، وحذف مثله كثير" انتهى.
وهذا المثال أيضًا لا يتعين لما ذكر؛ بل قالوا يكون مما حذفت منه النون، أي: كالذين، أو صفة لمفرد في معنى الجمع، أي: كالجمع الذي خاضوا، ويكون قد جمع الضمير في الصلة على معنى "الذي" لا على لفظه.