وسأل عالي بن أبي الفتح أباه أبا الفتح بن جني عن قوله "غير مأسوف "البيت، فأجابه بأن المقصود ذم الزمان الذي هذه حاله، فكأنه قال: زمان ينقضي بالهم والحزن غير مأسوف عليه، فزمان: مبتدأ، و"ينقضي ": صفته، و"غير ": خبر للزمان، ثم حذفت المبتدأ مع صفته، وجعلت إظهار الهاء مؤذنًا بالمحذوف، لأنك إنما جئت بالهاء لما تقدمها ذكر ما ترجع إليه، فصار اللفظ بعد الحذف والإظهار:
غير مأسوف على زمن ... ينقضي بالهم والحزن
وهذا التخريج بعيد جدًا متكلف، وهي عادة ابن جني وشيخه في مجيئهما بالتخريجات المتمحلة المتكلفة التي لا يكاد يلحظها العرب.
قال أبو الفتح: وإن شئت قلت: هو محمول على المعنى، كما حملت "أقل امرأة تقول ذاك " على المعنى، فلم تذكر في اللفظ خبرًا لأنه مبتدأ، وقد أضفت "أقل "إلى "امرأة "، ووصفت المرأة بـ "تقول ذاك "، كأنك قلت: قل امرأة تقول ذاك، فلم تحتج "أقل "إلى خبر لأنها في معنى "قل ". وكذلك حمل س على المعنى قول من قال "خطيئة يوم لا أراك فيه "على معنى: يوم خطأ لا أراك فيه. وما حمل على المعنى كثير في القرآن وفصيح الكلام. انتهى هذا التخريج الثاني وهو الذي أخذه منه ابن الشجري، وخرج البيت عليه. ويعضده البيت الثاني، وهو "غير لاه عداك "، فإنه لا يتصور فيه التخريج الأول. ولأبي/ عمرو بن الحاجب في هذا البيت كلام طويل وترديد، ثم خرجه على تخريجي أبي الفتح.
ص: ويحذف الخبر جوازًا لقرينة، ووجوبًا بعد "لولا "الإمتناعية غالبًا، وفي قسم صريح، وبعد واو المصاحبة الصريحة، وقبل حال إن كان المبتدأ أو معموله مصدرًا عاملاً في مفسر صاحبها، أو مؤولا بذلك، والخبر الذي