للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله ووجوبًا بعد "لولا" الامتناعية غالبًا سقط "غالبًا" من بعض النسخ، وهو أجود لأن الوجوب والغلبة لا يجتمعان؛ إذ الوجوب هو أن لا يجوز ذكره، والغلبة هي أن يغلب حذفه، فهي من باب الجائز، ومحال أن يكون الشيء واجبًا جائزًا، أعني الجواز بمعنى التخيير، ولأن مشهور قول أكثر النحويين هو أنه يجب حذف خبر المبتدأ الذي بعد "لولا"، وهذا الذي ذكره في "لولا" هو على تقدير رفع الاسم بالابتداء. وقد ذكرنا اختلاف الناس في ذلك، وتكلمنا على هذه المسألة في "فصل حروف التحضيض" في "باب تتميم الكلام على كلمات مفتقرة غلى ذلك".

قال المصنف في الشرح: "وإنما وجب حذف الخبر بعد "لولا" الامتناعية لأنه معلوم بمقتضى "لولا"؛ إذ هي دالة على امتناٍع لوجود، والمدلول على امتناعه هو الجواب، والمدلول على وجوده هو المبتدأ، فإذا قيل "لولا زيد لأكرمت عمرًا" لم يشك في أن المراد: وجود زيد منع من إكرام عمرو، فصح الحذف لتعين المحذوف، ووجب لسد الجواب مسده وحلوله محله، والمراد هنا بالحذف الكون المطلق، فلو أريد كون مقيد لا دليل عليه لم يجز الحذف، نحو: لولا زيد سالمنا ما سلم، ولولا عمرو عندنا لهلك، ومنه قوله صلي الله عليه وسلم: "لولا قومك حديثو عهٍد بكفٍر لأسست البيت على قواعد إبراهيم". فلو أريد كون مقيد مدلول عليه جاز الإثبات والحذف، نحو "لولا أنصار زيد حموه لم ينج"، فـ"حموه" خبر مفهوم المعنى، فيجوز إثباته وحذفه. ومن هذا القبيل قول المعري في صفة

<<  <  ج: ص:  >  >>