للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الظاهر، كما سيأتي تحقيقه قريبًا -إن شاء الله تعالى- أنه (قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أَصْحَابِهِ) -رضي الله عنهم- (وَهُمْ يَخْتَصِمُونَ في الْقَدَرِ) جملة في محل نصب على الحال من "أصَحابه": أي والحال أنهم يتخاصمون في شأن القدر، أي في الإثبات والنفي، وكأن كلا منهم كان يستدلّ بما يُناسب مطلوبه من الآيات، ولذا أنكر عليهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، بقوله: "تضربون القرآن بعضه ببعض". قاله السنديّ (١).

وفي رواية أحمد: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج على أصحابه، وهم يتنازعون في القدر، هذا ينزع آية، وهذا ينزع آية".

وفي رواية الترمذيّ من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونحن نتنازع في القدر".

قال الطيبيّ رحمه الله: قوله: "نتازع" أي نتناظر، ونتخاصم كأن يقول أحد الخصمين: إذا كان جميع ما يجري في العالم بقدر الله تعالى، فلم يعذّب المذنبين، ولم يُنسَبِ الفعل إلى العباد، كما قالت المعتزلة؟ والآخر يقول: فما الحكمة في تقدير بعض العباد للجنة، وبعضهم للنار، وما أشبه ذلك؟.

(فَكَأنَّما يُفْقَأُ) بالبناء للمفعول، وهو معطوف على محذوف: تقديره: فغضب، فاحمرّ وجهه، فكان من شدّة غضبه كأنما يُفقأ: أي يُشَقّ، والفقأ: الشقّ، والبَخْصُ (٢). قاله ابن الأثير (٣). وقال المجد: فَقَأَ العينَ، والْبَثْرَةَ، ونحوهما، كمنع: كسرَها، أو قلعها، كفقّأها، فانفقأت، وتفقّأت (٤).

وقال السنديّ: قوله: "فكأنما إلخ: أي فغضب، فاحمرّ وجهه من أجل الغضب


(١) "شرح السنديّ" ١/ ٦٥.
(٢) بخص عينه، كمنع: قلعها بشحمها. "ق".
(٣) "النهاية" ٣/ ٤٦١.
(٤) "القاموس" ص ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>