للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

احمرارًا يُشبه فَقْءَ حَبّ الرّمّان في وجهه، أي يشبه الاحمرار الحاصل به، أو فصار كأنما يُفقأ الخ. انتهى. (فِيْ وَجْهِهِ) متعلّق بـ "يُفقأ" (حَبُّ الزُّمَّانِ) بالرفع على أنه نائب فاعل "يُفقأ"، و"الحب" بفتح الحاء المهملة، و"الرمّان" بضم الراء، وتشديد الميم (مِنَ الْغَضَبِ) أي من أجل شدّة غضبه -صلى الله عليه وسلم- عليهم، قال الطيبيّ: وإنما غضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهم؛ لأن القدر سرّ من أسرار الله تعالى، وطلب سر الله تعالى منهيّ عنه، ولأن من يبحث في القدر لم يأمن أن يصير قدريّا، أو جبريّا، بل العباد مأمورون بقبول ما أمرهم الشرع من غير أن يطلبوا سرّ ما لا يجوز طلب سرّه. انتهى (١).

(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (بِهَذَا أُمِرْتُمْ) بتقدير همزة الاستفهام: أي أبهذا التنازع في القدر أمرتكم؟. والاستفهام للإنكار، وتقديم الجارّ والجرور لمزيد الاهتمام. قاله القاري (٢).

(أَوْ لهِذَا خُلِقْتُمْ) أي لهذا البحث عن القدر، والاختصام فيه، هل هو المقصود من خلقكم؟ أو هو الذي وقع التكليف به حتى اجترأتم عليه؟ يريد أنه ليس بشيء من الأمرين، فأيُّ حاجة إليه؟. قاله السنديّ (٣) وفي رواية الترمذيّ: "أم بهذا أُرسلتُ إليكم؟ " (تَضْرِبُونَ الْقُرْآنَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ) في "القاموس"، و"شرحه": ضربت الشيءَ بالشيء -أي بالتخفيف: خلطته، كضَرّبته تضريبًا، والتضريب بين القوم: الإغراء، والتضريب أيضًا: تحريض الشجاع في الحرب، يقال: ضرّبته، وحرّضته. انتهى (٤):

والمراد به هنا معارضة بعض الآيات ببعضها، وادّعاء التناقض بينها (بِهَذَا) إشارة إلى الاختصام في القدر (هَلَكَتِ الْأُمَمُ قَبْلَكُمْ) وفي رواية أحمد من طريق إسماعيل، عن داود بن أبي هند، أن نفرًا كانوا جلوسا بباب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال بعضهم: ألم


(١) "الكاشف" ٢/ ٥٦٣.
(٢) "المرقاة" ١/ ٢٩٩.
(٣) "شرح السنديّ" ١/ ٦٥.
(٤) راجع "تاج العروس" ١/ ٣٤٦ - ٣٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>