للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله أَرَأَيْتَ الْبَعِيرَ) قال في "اللسان": العرب لها في "أرأيتَ" لغتان، ومعنيان: [أحدهما]: أن يَسأل الرجلُ الرجلَ، أرأيتَ زيدًا بعينك؟ فهذه مهموزة، فإذا أوقعتها على الرجل منه قلتَ: أرأيتك على غير هذه الحال، يريد هل رأيت نفسك على غير هذه الحالة، ثم تُثنّى، وتُجمع، فتقول للرجلين: أرأيتكما، وللقوم: أرأيتكم، وللنسوة: أرأيتكنّ، وللمرأة أرأيتكِ بكسر التاء، لَا يجوز إلا ذلك.

[والمعنى الثاني]: أن تقول: أرأيتك، وأنت تقول: أخبرني، فتهمزها، وتنصب التاء منها، وتترك الهمز إن شئت، وهو أكثر كلام العرب، وتترك التاء موحّدةً مفتوحةً للمفرد وضده، والمذكر وضدّه. انتهى بتصرف (١).

والمناسب هنا المعنى الثاني، أي أخبرني حال البعير (يَكُونُ بِهِ الجرَبُ) بفتح الجيم والراء: ذُكر في كتب الطبّ أن الجرب خِلْطٌ غليظٌ يَحْدُثُ تحت الجلد من مخُالطة الْبَلْغم المِلْحِ للدم، يكون معه بُثُورٌ، وربّما حصَلَ معه هُزَالٌ لكثرته. قاله الفيّوميّ (٢). (فَيُجْرِبُ) بضم أوله، وكسر ثالثه من أجربه رباعيّا، والفاعل ضمير "البعير"، وقوله: (الإبِلَ) بالنصب على المفعوليّة، وقوله (كلَّهَا؟،) تأكيد، والمعنى: أن ذلك البعير يجعل كل تلك الإبل التي خالطها مصابة بالجرب بسبب إعدائه، وهذا بناء على ما كانوا يعتقدونه من العدوى، وهو من أوهام الجهال، كانوا يعتقدون أن المريض إذا دخل في الأصحّاء أمرضهم.

وجوز السنديّ ضبط "يَجرَب" بفتح أوله وثالثه، من باب سمع: أي فتصير الإبل كلها أجرب. انتهى. وعليه يكون "الإبل كلها" مرفوعًا على الفاعلية، والوجه الأول أولى. والله تعالى أعلم.

وفي الرواية الآتية في "كتاب الطبّ": فقال: يا رسول الله البعير يكون به الجرب، فتَجرَب به الإبل". فقوله: "تجرب" بفتح أوله وثالثه، من باب سمع، و"الإبل" مرفوع


(١) "لسان العرب" ١٥/ ٢٩٤.
(٢) راجع "المصباح المنير" ١/ ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>