للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ريشةً، أربعٌ قوادم، وأربع خَوَافٍ، وأربعٌ مناكب، وأربع أباهر. انتهى (١).

(تُقَلِّبُهَا) بفتح أوله، وكسر ثالثه، مضارع قلب، من باب ضرب، أو بضمّ أوله، وتشديد ثالثه، من التقليب، قال السنديّ: والثاني هو الأشهر الأظهر في مقام البالغة؛ لدلالته على التكثير، وهو الأوفق بجمع "الرياح"؛ ليظهر التقلب؛ إذ لو استمرّ الريح على جانب واحد لم يظهر التقلّب، والجملة صفة للريشة؛ لكون تعريفها للجنس. انتهى (٢).

قال الراغب الأصفهانيّ: قلب الشيء تصريفه، وصرفه عن وجه إلى وجه، كقلب الثوب، وقلب الإنسان: أي صرفه عن طريقته، وقلب الإنسان قيل: سمّي به لكثرة تقلّبه، ويُعبّر بالقلب عن المعاني التي يختصّ به من الروح، والعلم، والشجاعة، وغير ذلك. (٣) انتهى.

وتسمية القلب لتقلّبه، كتسمية الآدمي إنسانًا لنسيانه؛ لأنه عُهِد إليه، فنسي، قال عز وجل: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}، قال الشاعر:

وَمَا سُمِّيَ الإِنْسَانُ إِلَّا لِنَسْيِهِ ... وَلَا الْقَلْبُ إِلَّا أنهُ يَتَقَلَّب

(الرِّيَاحُ) بالرفع على الفاعلية، وإنما جمع "الرياح" لدلالتها على التقلّب ظهرًا لبطن؛ إذ لو استمرّ الريح على جانب واحد لم يظهر القلب، كما يظهر من الرياح المختلفة. قاله الطيبيّ (٤).

وفي رواية أحمد: "يقلبها الرياح ظهرًا لبطن" يعني أنه يقلبها كل ساعة على صفة، فكذا القلب ينقلب ساعة من الخير إلى الشرّ وبالعكس، ونصب قوله: "ظهرًا" على أنه بدل بعض من الضمير في "يقلبها"، واللام في "لبطن" بمعنى "إلى" كقوله تعالى: {مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ} الآية [آل عمران: ١٩٣] , ويجوز أن يكون "ظهرًا لبطن" مفعولًا مطلقًا:


(١) راجع "المصباح المنير" ١/ ٢٤٨.
(٢) "شرح السنديّ" ١/ ٦٨.
(٣) "مفردات ألفاظ القرآن" ص ٦٨١.
(٤) "الكاشف" ٢/ ٥٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>