للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أي يَقْلِبها تقليبًا مختلفًا، وأن يكون حالًا: أي يقلبها مختلفةً، ولهذا سُمّي القلب قلبًا (١).

(بِفَلَاةٍ) بفتح الفاء، وتخفيف اللام: هي الأرض القفر الخالية من العمران، أو المَفَازة، لا ماء فيها (٢). وإنما خصّ الفلاة؛ لأن التقليب فيها أشدّ من العمران. قاله القاري (٣).

وفي رواية لأحمد: "بأرض فلاة" قال الطيبيّ: لفظ "أرض" مقحمة؛ لأن في ذكر الفلاة استغناء عنها، وهو كقولك: أخذت بيدي، ونظرت بعيني، تقريرًا ورفعًا للمجاز، وأن يَتَوَهَّم متوهّم خلافه، ولا يسلك إلا في أمر خطير. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- هذا صحيح موقوفًا.

قال البوصيريّ رحمه الله: هذا إسناد فيه يزيد بن أبان الرقَاشيّ، وقد أجمعوا على ضعفه، لكن لم ينفرد به، فقد رواه مسدّد في "مسنده": ثنا خالدٌ، ثنا الجريريّ، عن غُنيم ابن قيس، عن أبي موسى، فذكره موقوفًا بلفظ: "إنما مثل القلب كمثل الريشة، يقلبها الرياح ظهرًا لبطن"، وسعيد الجريريّ، وإن اختلط بآخره، فقد روى له البخاريّ ومسلم من طريق خالد بن عبد الله عنه. انتهى كلام البوصيريّ.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: لم ينفرد به إلخ، فيه نظر؛ لأن خالدًا وهو ابن عبد الله الطحان، لم يوافقه، بل خالفه في الوقف، فتبين بهذا تفرّد يزيد الرقاشي برفع هذا الحديث.

[فإن قلت]: قد تابعه يزيد بن هارون في رفعه عند الإمام أحمد، قال عبد الله بن أحمد: حدّثني أبي، ثنا يزيد، قال: أخبرنا الجريري، عن غنيم بن قيس، عن أبي موسى الأشعري، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن هذا القلب كريشة بفلاة من الأرض، يقيمها الريح


(١) راجع "الكاشف" ٢/ ٥٦٧. و "المرقاة" ١/ ٣٠٤.
(٢) أفاده في "القاموس" ص ١١٨٩.
(٣) "المرقاة" ١/ ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>