[فإن قيل]: يعارض هذا ما ثبت في "صحيح البخاري" عن أنس -رضي الله عنه- أنه قال: مات النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ، وزيد بن ثابت، وأبو زيد -رضي الله عنهم-، فكيف الجمع؟.
[قلت]: أجيب عنه بأن المراد إثبات ذلك للخزرج دون الأوس، فلا ينفي ذلك عن المهاجرين وغيرهم، بدليل ما أخرجه ابن جرير عن أنس -رضي الله عنه-، قال: افتخر الحيّان الأوس والخزرج، فقال الأوس: منا أربعة: من اهتزّ له العرش، سعد بن معاذ، ومن عُدِلت شهادته بشهادة رجلين، خزيمة بن ثابت، ومن غسلته الملائكة، حنظلة بن أبي عامر، ومن حَمَته الدَّبَر، عاصم بن ثابت، فقال الخزرج: منا أربعة جمعوا القرآن، لم يجمعه غيرهم، فذكروهم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السابعة): في ذكر العبادة من الصحابة -رضي الله عنهم-:
(اعلم): أنه من اشتهر بلقب العبادلة من الصحابة أربعة فقط:
وهم: عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وليس ابن مسعود منهم، قاله أحمد بن حنبل، قال البيهقي: لأنه تقدم موته، وهؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى علمهم، فإذا اجتمعوا على شيء قيل: هذا قول العبادلة. وقيل: هم ثلاثة بإسقاط ابن الزبير، وعليه اقتصر الجوهري في "الصحاح". وأما ما حكاه النوويّ في "تهذيبه" عنه أنه ذكر ابن مسعود، وأسقط ابن العاص فَوَهَمٌ، نعم وقع للرافعي في "الديات"، وللزمخشري في "المفصل" أن العبادلة ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وغُلِّطَا في ذلك من حيث الاصطلاح، وكذا سائر من يُسَمَّى عبد الله من الصحابة، لا يطلق عليهم العبادلة، وهم نحو مائتين وعشرين نفسًا، كذا قال ابن الصلاح أخذًا من "الاستيعاب"، وزاد عليه ابن فتحون