(المسألة الثامنة): في ذكر عدد الصحابة - رضي الله عنهم -:
(اعلم): أنه لا سبيل إلى معرفة عدد الصحابة -رضي الله عنهم-، قال الإمام أبو زرعة الرازي رحمه الله في جواب من قال له: أليس يقال: حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعة آلاف حديث؟: ومن قال ذا، قلقل الله أنيابه؟، هذا قول الزنادقة، ومن يُحصِي حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قُبِض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن مائة ألف وأربعة عشر ألفًا من الصحابة، ممن رآه، وسمع منه، فقيل له: هؤلاء أين كانوا؟ وأين سمعوا؟ أهل المدينة، وأهل مكة، ومن بينهما، والأعراب، ومن شهد معه حجة الوداع، كُلٌّ روى وسمع منه بعرفة. أخرجه أبو بكر الخطيب. قال الحافظ العراقي: وقريب منه ما أسنده أبو موسى المديني عن أبي زرعة قال: توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن رآه، وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة.
وهذا لا تحديد فيه، وكيف يمكن الاطلاع على تحرير ذلك، مع تفرق الصحابة في البلدان والبوادي والقرى؟، وقد روى البخاري في "صحيحه" أن كعب بن مالك قال في قصة تخلفه عن تبوك: وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كثير، لا يجمعهم كتاب حافظ -بمعنى الديوان-. قال العراقي: ورَوَى الساجي في "المناقب" بسند جيد عن الرافعي قال: قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون ستون ألفًا، ثلاثون ألفا بالمدينة، وثلاثون ألفًا في قبائل العرب، وغير ذلك، قال: ومع هذا فجميع من صنف في الصحابة لم يبلغ مجموع ما في تصانيفهم عشرة آلاف، مع كونهم يذكرون من تُوفي في حياته -صلى الله عليه وسلم-، ومن عاصره،