للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواية: "ثم يقبضه عليه". (١)، وبما جاء في الشريعة من ذلك، ومن كان كذلك، فالظنّ أنه لا يخيب، ولا يُقطَعُ على المُغَيَّب.

وإذا تقرّر هذا فالمقطوع بفضله، وأفضليّته بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند أهل السنّة، وهو الذي يُقطع به من الكتاب والسنّة أبو بكر الصدّيق، ثم عمر الفاروق، ولم يختلف في ذلك أحد من أئمة السلف، ولا الخلف، ولا مبالاة بأقوال أهل الشيع، ولا أهل البِدَع، فإنهم بين مكفَّر تُضرَب عنقه، وبين مُبَدَّع مُفَسَّق لا تُقبَل كلمته، وتُدحض حجته.

وقد اختَلَف أئمة أهل السنّة في عليّ وعثمان رضي الله عنهما، فالجمهور منهم على تقديم عثمان، وقد رُوي عن مالك أنه توقّف في ذلك، ورُوي عنه أنه رجع إلى ما عليه الجمهور، وهو الأصحّ -إن شاء الله- والمسألة اجتهاديّة، لا قطعيّةٌ، ومُستندها الكليّ أن هؤلاء الأربعة هم الذين اختارهم الله تعالى لخلافة نبيّه -صلى الله عليه وسلم-، ولإقامة دينه، فمراتبهم عنده على حسب ترتيبهم في الخلافة إلى ما يَنضاف إلى ذلك بما يشهد لكلّ واحد منهم من شهادات النبيّ -صلى الله عليه وسلم- له بذلك تأصيلًا وتفصيلًا. قال: وهذا الباب بحرٌ لا يُدرك قَعْره، ولا يُنزَف غَمْرُه، وفيما ذكرناه كفايةٌ، والله تعالى وليّ التوفيق للهداية. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (٢)، وهو كلام نفيس، وبحث أنيس.

وقال أبو منصور عبد القاهر التميمي البغدادي: أصحابنا مُجمِعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة، ثم تمام العشرة المشهود لهم بالجنة: سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوّام، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، ثم أهل بدر، وهم ثلاثمائة وبضعة عشر، روى ابن ماجه عن رافع بن خديج -رضي الله عنه- قال: جاء جبريل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ما تعدون أهل


(١) حديث صحيح، رواه أحمد برقم (١١٥٩٥) والترمذيّ (٢١٤٢).
(٢) "المفهم" ٦/ ٢٣٧ - ٢٣٩ "كتاب النبوات -باب فضائل أبي بكر الصدّيق -رضي الله عنه-".

<<  <  ج: ص:  >  >>