للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(رَأَيْتُنِي في الْجَنَّةِ) وفي حديث جابر -رضي الله عنه- عند الشيخين: "قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: رأيتني دخلت الجنة، فإذا أنا بالرُّمَيصاء، امرأة أبي طلحة، وسعت خَشَفَةً، فقلت: مَنْ هذا؟ فقال: هذا بلال، ورأيت قصرًا بفنائه جاريةً، فقلت: لمن هذا؟ فقال: لعمر، فأردت أن أدخله، فأنظر إليه، فذكرت غَيْرَتك"، فقال عمر: بأبي وأمي يا رسول الله، أعليك أغار؟.

و"الرّميصاء" بالتصغير هي أم سُليم والدة أنس رضي الله عنهما، وهو صفة لها؛ لِرَمَصٍ كان بعينها، واسمها سهلة، وقيل: رُميلة، وقيل: غير ذلك.

والْحَشَفَة بفتح المعجمتين والفاء كالحركة وزنًا ومعنى.

قال الإمام ابن حبّان رحمه الله بعد إخراجه لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: ما نصّه: في هذا الخبر "بينما أنا نائم"، وفي خبر جابر: "أُدخلت الجنة" أُدخل الجنة ليلة أُسري به، فرأى قصر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فسأل عن القصر، فأخبروه أنه لعمر، وبينما النبي -صلى الله عليه وسلم- نائم مرّةً أخرى إذ رأى كأنه أُدخل الجنّة، وإذا امرأة إلى جانب قصر تتوضّأ، فسأل عن القصر، فقالت: لعمر بن الخطّاب، لفظ خبر أبي هريرة بخلاف لفظ خبر جابر، فدلّك ذلك على أنهما خبران في وقتين متباينين، من غير أن يكون هناك تضادّ، ولا تهَاتُر. انتهى كلام ابن حبّان رحمه الله (١)، وهو تأويل حسنٌ. والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قوله: "رأيتني" فيه وقوع الفاعل والمفعول ضميرين متّصلين لمسمّى واحد، وهو مختصّ بأفعال القلوب، قال الله عز وجل: {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق:٧]، وألحقت في ذلك رأى الحلميّة والبصريّة بكثرة، نحو {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: ٣٦] وقول الشاعر [من الكامل]:

وَلَقَدْ أَرَانِي لِلرِّمَاح دَرِيئَةً ... مِنْ عَنْ يَمِنِي تَارَةً وَأَمَامِي

وأُلحقت أيضًا "عَدِمَ"، و"فَقَد"، و"وَجَدَ" بمعنى لقي بقلّة، دون باقي الأفعال،


(١) راجع "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان" ١٥/ ٣١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>