ذلك، قال: فقال: "أنكتبك يا ابن حوالة؟ " قلت: علام يا رسول الله؟ قال: فلها عني، وأقبل على الكاتب، قال: ثم جئت، فقمت عليهما، فإذا في صدر الكتاب أَبو بكر وعمر، فظننت أنهما لن يُكتبا إلا في خير، فقال:"أنكتبك يا ابن حوالة؟ " فقلت: نعم يا نبي الله، فقال:"يا ابن حوالة، كيف تصنع في فتنة تثور في أقطار الأرض، كأنها صياصي بقر؟ " قال: قلت: أصنع ماذا يا رسول الله؟ قال:"عليك بالشام"، ثم قال:"كيف تصنع في فتنة كأن الأولى فيها نَفْجَة أرنب؟ " قال: فلا أدري كيف قال في الآخرة؟ ولأن أكون علمت كيف قال في الآخرة أحب إلي من كذا وكذا.
وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الصحيح، غير صحابيّه زائدة، أو مزيدة بن حوالة، فلم يخرج له إلا أحمد.
والحاصل أن حديث كعب بن عُجرة -رضي الله عنه- المذكور في الباب صحيح؛ لهذه الشواهد. فتنبّه. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا (١٣/ ١١١) بهذا السند فقط، ولم يخرجه من أصحاب الأصول غيره، وأخرجه (ابن أبي شيبة) في "مصنفه"(١٢/ ٤١) و (أحمد) في "مسنده"(٤/ ٢٤٢ و ٢٤٣) و (الترمذيّ)(٣٧٠٤) من حديث كعب بن مرّة، وقال الترمذيّ: حديث حسن صحيح، وقد سبق في المسألة السابقة بقية تخريج أحمد، فلا تنس نصيبك منها، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله، وهو بيان فضل عثمان بن عفّان -رضي الله عنه-.
٢ - (ومنها): أن فيه علمًا من أعلام النبوّة، ومعجزةً ظاهرة للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- وهو إخباره -صلى الله عليه وسلم- بما سيقع في أمته من الفتن العظام.
٣ - (ومنها): ما كان عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من الحرص على إرشاد أمته إلى طريق نجاتهم من فتن الدنيا والآخرة، فما من خير يكون في الدنيا والآخر إلا دلّها عليه، وما من شرّ