للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقع في الدنيا والآخرة إلا حذّرها منه، فهو -صلى الله عليه وسلم- الموصوف بأبي هو وأمي بقوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١٢٨].

٤ - (ومنها): ما كان عليه الصحابة -رضي الله عنهم- من الحرص على التأكّد في تحقيق العلم، حيث إن هذا الصحابي -رضي الله عنه- لم يكتف بإشارة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على الرجل المتقنّع، بل مشى إليه حتى لحقه، وأخذ بيده، ووجه بوجهه إليه -صلى الله عليه وسلم-، وقال: هذا هو؟.

٥ - (ومنها): أنه إذا وقعت الفتن يتعيّن على المسلم أن يلزم أهل الحقّ، ويقوم معهم، إن وجدهم، وإلا اعتزل أهل الفتن كلهم، وقد بيّن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ذلك في غير ما حديث، أخرج الشيخان في "صحيحهما" (١) من طريق أبي إدريس الخولاني، أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: "نعم"، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم، وفيه دَخَنٌ (٢) "، قلت: وما دَخَنه؟ قال: "قوم يَهْدُون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر"، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم دُعاة إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قَذَفُوه فيها"، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، فقال: "هم من جِلْدَتنا، ويتكلمون بألسنتنا"، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: "تَلْزَم جماعةَ المسلمين وإمامهم"، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تَعَضَّ بأصل شجرة، حتى يُدركك الموت، وأنت على ذلك".

وأخرج أَبو داود، والترمذيّ، والمصنف بإسناد صحيح، عن أبي كبشة، قال: سمعت أبا موسى، يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن بين أيديكم فتنا كقطع الليل المظلم


(١) سيأتي للمصنّف في "كتاب الفتن" برقم (٣٩٧٩) و (٣٩٨١).
(٢) بفتحتين: أي شوائب.

<<  <  ج: ص:  >  >>