للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَلَا يُبْغِضُنِي) بضم أوله، وكسر ثالثه رباعيّا من أبغضه بالألف، لا غيرُ، قال الفيّوميّ: وأبغضته إبغاضًا، فهو مُبغَضٌ، قالوا: ولا يُقال: بَغَضته بغير ألف (١). انتهى (٢). (إِلَّا مُنَافِقٌ) أي إلا من ليس مؤمنًا باطنًا، وإن تظاهر بمظهر الإسلام.

والمنافق اسم فاعل من النفاق، وهو -كما قال ابن الأثير- اسم إسلاميّ، لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، وهو الذي يستُر كفره، ويُظهر إيمانه، وإن كان أصله في اللغة معروفًا، يقال: نافق ينافق منافقةً ونِفاقًا، وهو مأخوذ من النافقاء، أحد جِحَر اليربوع، إذا طُلب من واحد هرب إلى الآخر، وخرج منه. وقيل: من النَّفَق، وهو السِّرَب الذي يُستَتر فيه؛ لستره كفره (٣).

والمراد بالبغض هو البغض لأجل مزاياه الدينيّة، وأما البغض الناشىء بسبب أمر دنيويّ يفضي إليه بالطبع، كما يجري في التعامل، فليس نفاقًا أصلًا، وقد سبّ العبّاس عليّا رضي الله عنهما بسبب ما جرى بينهما من التعامل كمجلس عمر -رضي الله عنه- أشدّ سبّ (٤)، وهو مشهور في "الصحيحين"، وغيرهما، فلم ينقص ذلك من إيمانه -رضي الله عنه- (٥).

وقال القرطبي: من أحبّ عليّا -رضي الله عنه- لسابقته في الإسلام، وقِدَمه في الإيمان، وغَنَائه فيه، وذَوْده عنه، وعن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولمكانته من النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وقرابته، ومصاهرته، وعلمه، وفضائله، كان ذلك منه دليلًا قاطعًا على صحّة إيمانه ويقينه، ومحبّته للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ومن أبغضه لشيء من ذلك كان على العكس. انتهى (٦)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه


(١) وقال في "القاموس" و"شرحه" جـ ٥ / ص ٩: قال أَبو حاتم: وقولهم: أنا أبغُضُه، ويَبْغُضُني بالضمّ لغة رديئة. انتهى.
(٢) "المصباح" ١/ ٥٦.
(٣) راجع "النهاية" ٥/ ٩٨.
(٤) ولفظه عند مسلم (١٧٥٧): فقال عبّاس: "يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن ... " الحديث.
(٥) راجع "شرح السنديّ" ١/ ٨١.
(٦) "المفهم" ١/ ٢٦٤ "كتاب الإيمان".

<<  <  ج: ص:  >  >>