لي مرّة فأنظر، وأُطَأْطِئ له مرّة فينظر، فكنت أعرف أبي إذا مَرّ على فرسه في السلاح إلى بني قريظة، قال: وأخبرني عبد الله بن عروة عن عبد الله بن الزُّبير قال: فذكرت ذلك لأبي، فقال: ورأيتني يا بُنَيَّ؟، قلت: نعم، قال: أما والله لقد جَمَع لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذ أبويه، فقال:"فَدَاك أبي وأمي".
قال القرطبيّ رحمه الله: فداك بفتح الفاء والقصر فعلٌ ماضٍ، فإن كسرت مَدَدْتَ، وهذا الحديث يدلُّ على أن النبيّ -رضي الله عنه- جمع أبويه لغير سعد بن أبي وقّاص - رضي الله عنه -، وحينئذ يُشكل بما رواه الترمذيّ من قول عليّ -رضي الله عنه-: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما جَمَعَ أبويه لأحد إِلَّا لسعد، وقال له يوم أحد:"فداك أبي وأُمّي"(١)، ويرتفع الإشكال بأن يُقال: إن عليّا أخبره بما في علمه، ويَحتَمِل أن يُريد به أنه لم يقل ذلك في يوم أحد لأحد غيره. والله تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث الزُّبير -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثّانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا (١٦/ ١٢٣) فقط، وأخرجه (البخاريّ) في (٣٧٢٠) و (مسلم) في (٢٤١٦) و (الترمذيّ) في (٣٧٤٣) و (النَّسائيّ) في "الكبرى"(٨١٥٦) و (٩٩٥٦) و (٩٩٥٧) و (٩٩٥٨) و (أحمد) في "مسنده"(١٤٠٨) و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٦٩٨٤) و (ابن أبي شيبة)(١٢/ ٩١)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثّالثة): في فوائده:
١ - (منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله، وهو بيان فضل الزُّبير -رضي الله عنه-.