للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نفسه، أو نسبه، أو دينه، أو خصلةً من خصاله، أو عَرّض به، أو شبهه بشيء على طريق السبّ له، والإزراء عليه، أو البغض منه، والعيب له، فهو سابّ له، والحكم فيه حكمُ السابّ، يُقْتَلُ ولا نَسْتَثْنِ فصلًا من فصول هذا الباب عن هذا المقصد، ولا نَمْتَرِ فيه تصريحًا كان، أو تلويحًا، وكذلك مَنْ لعنه، أو تَمَنَّى مَضَرَّةً له، أو دعا عليه، أو نَسَب إليه ما لا يَليق بمنصبه على طريق الذمّ، أو عَيَّبَهُ في جهته العزيزة بِسُخْف من الكلام، وهُجْر، ومُنكَر من القول، وزورٍ، أو عَيَّره بشيء ممّا يجري من البلاء والمحنة عليه، أو غمصه ببعض العوارض البشرية الجائزة، والمعهودة لديه، قال: هذا كله إجماع من العلماء، وأئمة الفتوى من لدن، صحابه، وهَلُمَّ جَرّا (١).

وقال ابن القاسم، عن مالك: مَنْ سَبّ النبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قُتِل، ولم يُسْتَتَب، قال ابن القاسم: أو شتمه، أو عابه، أو تنقّصه، فإنّه يُقْتَل كالزنديق، وقد فَرَض الله توقيره وبِرّه، وكذلك قال مالك في رواية المدنبين عنه: مَنْ سَبّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، أو شتمه، أو عابه، أو تنقّصه قُتِل، مسلمًا كان أو كافرًا، ولا يستتاب.

وذكر القاضي عياض أجوبة جماعة من فقهاء المالكية المشاهير بالقتل بلا استتابة في قضايا متعددة، أفتى في كلّ قضية بعضهم، إلى آخر كلام شيخ الإسلام المفصّل والمبيّن بالأدلّة الواضحة (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: خلاصة ما يُفيده كلام شيخ الإسلام ابن تيميّة، وما ذكره من نصوص العلماء، وأدلّتهم صريح في أن سابّ النبيّ - صلّى الله عليه وسلم - لا توبة له، بل يُقتل وإن تاب تنكيلًا له، وزجرًا لغيره، وأن توبته إن صدقت تنفعه فيما بينه وبين ربّه -عَزَّ وَجَلَّ-، وهذا هو بحثٌ نفيسٌ، وتحقيقٌ أنيسٌ.


(١) "الشفا" ٢/ ٢١٤.
(٢) "راجع" الصارم المسلول على شاتم الرسول -صلى الله عليه وسلم-٣/ ٩٥٥ - ٩٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>