ليس بنقص، ولم يدخل فيما سلمته لكم، فإن بينتم بالعقل، أو بالسمع انتفاءه، وإلا فاحتجاجكم بقولي، مع أني لم أرد ذلك كذب عليّ، فإنكم تحتجون بالإجماع، والطائفة المثبتة من أهل الإجماع، وهم لم يسلموا هذا.
[الثاني]: أن عدم هذه الأمور قبل وجودها نقص، بل لو وُجدت قبل وجودها لكان نقصًا، مثال ذلك تكليم الله لموسى - عليه السلام -، ونداؤه له، فنداؤه حين ناداه صفة كمال، ولو ناداه قبل أن يجيء لكان ذلك نقصًا، فكل منها كمال حين وجوده، ليس بكمال قبل وجوده، بل وجوده قبل الوقت الذي تقتضي الحكمة وجوده فيه نقص.
[الثالث]: أن يقال: لا نسلم أن عدم ذلك نقص، فإن ما كان حادثا امتنع أن يكون قديمًا، وما كان ممتنعًا لم يكن عدمه نقصًا؛ لأن النقص فوات ما يمكن من صفات الكمال.
[الرابع]: أن هذا يَرِدُ في كل ما فعله الرب وخلقه، فيقال: خَلْقُ هذا إن كان نقصًا، فقد اتصف بالنقص، وإن كان كمالًا، فقد كان فاقدًا له، فإن قلتم: صفات الأفعال عندنا ليست بنقص ولا كمال، قيل: إذا قلتم ذلك أمكن المنازع أن يقول: هذه الحوادث ليست بنقص ولا كمال.
[الخامس]: أن يقال: إذا عُرِض على العقل الصريح ذاتٌ يمكنها أن تتكلم بقدرتها، وتفعل ما تشاء بنفسها، وذات لا يمكنها أن تتكلم بمشيئتها، ولا تتصرف بنفسها ألبتة، بل هي بمنزلة الزمن الذي لا يمكنه فعل يقوم به باختياره، قَضَى العقلُ الصريحُ بأن هذه الذات أكمل، وحينئذ فأنتم الذين وصفتم الرب بصفة النقص، والكمالُ في اتصافه بهذه الصفات، لا في نفي اتصافه بها.
[السادس]: أن يقال: الحوادث التي يمتنع أن يكون كل منها أزليا، ولا يمكن وجودها إلا شيئًا فشيئًا، إذا قيل: أيما أكمل أن يقدر على فعلها شيئًا فشيئًا، أو لا يقدر على ذلك، كان معلومًا بصريح العقل أن القادر على فعلها شيئًا فشيئا أكمل ممن لا يقدر على ذلك، وأنتم تقولون: إن الرحمن لا يقدر على شيء من هذه الأمور، وتقولون: إنه