للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الفاعلية لـ"يبلغ"، وهو اسم فاعل من شَهِدَ: إذا حضر، أي الحاضر في المجلس (الْغَائِبَ) بالنصب على أنه المفعول الأول، والمفعول الثاني محذوفٌ، أي العلم، والمعنى ليبلِّغ الحاضر مجلس إسماع العلم العلم الذي حضر سماعه الذي غاب عن المجلس؛ حتى يعمّ البلاغ الكلَّ، كما هو مقتضى عموم الرسالة إلى الكلّ.

وهل المراد تبليغ القول المذكور، أو تبليغ جميع الأحكام، فيه احتمالان، والأظهر الثاني (فَإِنَّهُ) الفاء للتعليل، والضمير للشأن، أي لأن الأمر والشأن (رُبَّ مُبَلَّغٍ) بفتح اللام وحذف صلته، أي إليه، و"ربّ" للتقليل، وترد للتكثير، وهو الكثير في استعمالها، وهي حرف خلافًا للكوفيين في دعوى أسميّتها (يَبْلُغُهُ) بالبناء للمفعول من أحد البناءين، ونائب الفاعل ضمير "مُبلغ"، والضمير المنصوب للعلم (أوْعَى) أي أحفظ، وأضبط، وأفهم، وأتقن.

[فإن قلت]: كيف إعراب هذا الكلام؟.

[قلت]: هو على مذهب الكوفيين أن "ربّ مبلغ" كلام إضافيّ مبتدأ، وقوله: "أوعى إلخ" خبره، والمعنى: رب مبلغ إليه عنّي أفهم وأضبط لما أقول من سامع مني، ولا بد من هذا القيد؛ لأن المقصود ذلك، وقد صرّح بذلك ابن منده في روايته من طريق هَوْذَة، عن ابن عون، عن ابن سيرين، ولفظه: "فإنه عسى أن يكون بعض من لم يشهد أوعى لما أقول من بعض من شهِد"، وأما على مذهب البصريين، فإن قوله: مبلغ وإن كان مجرورًا بـ "ربّ" إلا أنه مرفوع بالابتداء محلا، وقوله: "أوعى" صفة له، والخبر محذوف، تقديره: يكون، أو يوجد، أو نحو ذلك.

وقال النحاة في نحو "ربّ رجل صالحٍ عندي" محلّ مجرور "ربّ" رفع بالابتداء، وفي نحو "ربّ رجل صالح لقيتُ" نصبٌ على المفعولية، وفي نحو "ربّ رجل صالح لقيته" رفع، أو نصب على الاشتغال، كما في قولك: "هذا لقيته" (١). والله تعالى أعلم.


(١) راجع "عمدة القاري" ٢/ ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>