للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١].

قال الطيبيّ: وذلك لأن العلم رفيع القدر، يرفع قدر من يصونه عن الابتذال، قال الزهريّ: العلم ذكرٌ لا يحبّه إلا ذكور الرجال، أي الذين يحبون معالي الأمور، ويتنزّهون عن سفسافها. انتهى (وَلَكِنَّهُمْ بَذَلُوهُ لِأَهْلِ الدُّنْيَا) أي بأن خصّوهم به، أو تردّدوا إليهم به (لِيَنَالُوا بِهِ) أي ليصيبوا بسببه (مِنْ دُنْيَاهُمْ، فَهَانُوا عَلَيْهِمْ) أي ذَلُّوا عند أهل الدنيا؛ لأنهم أهانوا رفيعًا، فأهانهم الله عند أذلاء الناس (سَمِعْتُ نَبِيكُّمْ -صلى الله عليه وسلم-) قال الطيبيّ: هذا الخطاب توبيخٌ للمخاطبين حيث خالفوا أمر نبيّهم -صلى الله عليه وسلم-، فخولف بين العبارتين افتنانًا (يَقُولُ: "مَنْ) شرطيّة، أو موصولة (جَعَلَ به الهُمُومَ) أي الهموم التي تطرقه من مِحَن الدنيا، وكَدَرها، ومُرّ عيشها (هَمًّا وَاحِدًا) أي من جعل همّه واحدًا موضع الهموم التي للناس، أو من كان له هموم متعدّدةٌ، فتركها، وجعل موضعها الهمّ الواحد (هَمَّ آخِرَتِهِ) بنصب "هَمَّ" بدلًا من "همًّا واحدًا" (كَفَاهُ الله هَمَّ دُنْيَاهُ) المشتمل على الهموم، يعني كفاه همّ دنياه أيضًا (وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الهُمُومُ) أي تفرّقت به الهموم، أو فرّقته الهموم، فالباء على الأول بمعنى "في"، وعلى الثاني للتعدية، وإن جُعلت للمصاحبة، أي مصحوبةً معه كان صحيحًا (في أَحْوَالِ الدُّنْيَا، لَمْ يُبَالِ الله في أَيِّ أَوْدِيَتَهَا) أي أودية الدنيا، أو أودية الهموم (هَلَكَ) كناية عن عدم الكفاية والعون مثل ما يحصل للأول، والمعنى: أنه لا يكفيه هم دنياه، ولا همّ أُخراه، فيكون ممن خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

قال الجامع عفا الله عنه: حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- هذا من أفراد (المصنّف)، أخرجه هنا (٤٥/ ٢٥٧) وسيعيده في "كتاب الزهد" برقم (٤١٠٦)، وإسناده ضعيفٌ جدّا، فإن نَهْشْل بن سعيد متروك، بل كذّبه بعضهم، وقال النقّاش: رَوى عن الضحاك الموضوعات، كما سبق في ترجمته، وقال البوصيريّ: وله شاهد من حديث أنس -رضي الله عنه-،

<<  <  ج: ص:  >  >>