فَلَوْ قد ذُقْتَ مِنْ حَلْوَاهُ طَمْعًا ... لآثَرْتَ التَعَلُّمَ وَاجْتَهَدْتَا
وَلَمْ يَشْغَلْكَ عَنْهُ هَوًى مُطَاعٌ ... وَلَا دُنْيَا بِزُخْرُفِهَا فُتِنْتَا
وَلَا أَلهاكَ عَنْهَ أَنِيقُ رَوْضٍ ... وَلَا خِدْرٌ بِزِينَتِهَا كَلِفْتَا
فَقُوتُ الرُّوحِ أَروَاحُ الْمعَانِي ... وَلَيْسَ بِأَنْ طَعِمْتَ وَلَا شَرْبْتَا
فَوَاظِبْهُ وَخُذْ بِالحدِّ فِيهِ ... فَإِنْ أَعْطَاكَهُ اللهُ انْتَفَعْتَا
وَإِنْ أُعطِيتَ فِيهِ طُولَ بَاعِ ... وقَالَ النَّاسُ إِنَّكَ قَدْ عَلِمْتَا
فَلَا تَأْمَنْ سُؤَالَ الله عَنْه ... بِتَوْبيخ عَلِمْتَ فَهَلْ عَمِلْتَا
فَرَأْسُ الْعِلْم تَقْوَى الله حَقًّا ... وَلَيْسَ بِأَنْ يُقَالَ لَقَدْ رَئسْتَا
وَاَفْضَلُ ثَوْبِكَ الإِحْسَانُ لَكِنْ ... تُرَى ثَوْبَ الإِسَاءَةِ قَدْ لَبِسْتَا
إذَا مَا لم يُفِدْكَ الْعِلْمُ خيْرًا ... فَخَيرٌ مِنْه أَنْ لَوْ قَدْ جهِلْتَا
فَإِن أَلْقَاكَ فَهْمُكَ في مَهَاوٍ ... فَلَيْتَكَ ثُمَ لَيتَكَ مَا فَهِمْتَا
سَتَجْنِي مِن ثِمارِ الْعَجْزِ جَهْلًا ... وَتَصغُرُ في الْعُيُونِ إِذَا كَبرْتَا
وَتفْقَدُ إِن جَهِلَتَ وَأَنْتَ بَاقٍ ... وَتُوجَدُ إِنْ عَلِمْتَ وَلَوْ فُقِدْتَا
وَتَذْكُرُ قَوْلَتِي لَكَ بَعْدَ حِينٍ ... إِذَا حَقًّا بِهَا يَوْمًا عَمِلْتَا
وَإِنْ أَهْمَلْتَهَا وَنَبَذْتَ نُصْحًا ... وَمِلْتَ إِلَى حُطَامٍ قَدْ جَمَعْتَا
فَسَوْفَ تَعَضُّ مِنْ نَدَم عَلَيْهَا ... وَمَا تُغْنِي النَّدَامَةُ إِنْ نَدِمْتَا
إذَا أَبْصَرْتَ صَحْبَكَ في سَمَاءٍ ... قَدْ ارْتَفَعُوا عَلَيْكَ وَقَدْ سَفَلْتَا
فَرَاجِعْهَا وَدَع عَنْكَ الهُوَيْنَا ... فَمَا بِالْبُطْىءِ تُدْرِكُ مَا طَلَبْتَا
فَلَا تختَلْ بِمالِك وَالْهَ عَنْه ... فَلَيْسَ الْمالُ إِلَّا مَا عَمِلْتَا
فَلَيسَ لجِاهِلٍ في النَّاسِ مُغْنٍ ... وَلَوْ مُلْكُ الْعِرَاقِ لَهُ تَأَتَّى
سَيَنْطِقُ عَنْكَ عِلْمُكَ في مَلإٍ ... وَيَكْتُبُ عَنْكَ يَوْمًا إِنْ كَتَبْتَا
وَمَا يُغنِيكَ تَشْيِيدُ الْمَبانِي ... إِذَا بِالجهْلِ نَفْسَكَ قَدْ هَدَمْتَا