والترهيب، وسيأتي تفنيد هذا الزعم الباطل قريبًا، إن شاء الله تعالى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في بيان عِظَم هذا الحديث، وقوّة درجته:
(اعلم): أن هذا الحديث حديث عظيم في نهاية من الصحّة، وقيل: إنه متواتر، ذكر أبو بكر البزار في "مسنده" أنه رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحو من أربعين نفسا من الصحابة رضي الله تعالى عنهم. وحكى الإمام أبو بكر الصيرفي في "شرحه لرسالة الشافعيّ" رحمهما الله أنه رُوي عن أكثر من ستين صحابيا مرفوعا. وذكر أبو القاسم عبد الرحمن بن منده عدد من رواه، فبلغ بهم سبعة وثمانين، ثم قال: وغيرهم. وذكر بعض الحفاظ أنه رُوي عن اثنين وستين صحابيا، وفيهم العشرة المشهود لهم بالجنة، قال: ولا يُعرف حديث اجتمع على روايته العشرة إلا هذا، ولا حديث يُروَى عن أكثر من ستين صحابيا إلا هذا، وقال بعضهم: رواه مائتان من الصحابة، ثم لم يزل في ازدياد. وقد اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في "صحيحهما" من حديث عليّ، والزبير، وأنس، وأبي هريرة، وغيرهم رضي الله تعالى عنهم، وأما إيراد أبي عبد الله الحميدى صاحب "الجمع بين الصحيحين" حديث أنس -رضي الله عنه- في أفراد مسلم فليس بصواب، فقد اتفقا عليه. والله أعلم. انتهى كلام النوويّ.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "ولا يُعرف حديث اجتمع عليه العشرة الخ" هذا فيه نظر، فقد ردّه جماعة من العلماء، منهم الحافظ العراقيّ، قال: وليس كذلك، فقد ذكر الحاكم والبيهقيّ أن حديث رفع اليدين في الصلاة رواه العشرة، وقالا: ليس حديثٌ رواه العشرة غيره، وذكر أبو القاسم بن منده أن حديث المسح على الخفّين رواه العشرة أيضًا. وإلى هذا أشرت في نظمي "الجليس الأمين" بقولي: