من أكبر الكبائر، وأقبح القبائح بإجماع المسلمين، الذين يُعتَدُّ بهم في الإجماع، خلافا للكرامية الطائفة المبتدعة، في زعمهم الباطل أنه يجوز وضع الحديث في الترغيب والترهيب، وتابعهم على هذا كثيرون من الجهلة، الذين ينسبون أنفسهم إلى الزهد، أو ينسبهم جهلة مثلهم، وشُبهةُ زعمهم الباطل أنه جاء في رواية:"من كذب عليّ متعمدا -ليضل به الناس- فليتبوأ مقعده من النار"، وزعم بعضهم أن هذا كَذِبٌ له عليه الصلاة والسلام، لا كذب عليه، وهذا الذي انتحلوه، وفعلوه واستدلوا به غاية الجهالة، ونهاية الغفلة، وأدل الدلائل على بُعْدِهم من معرفة شيء من قواعد الشرع، وقد جمعوا فيه جُمَلًا من الأغاليط اللائقة بعقولهم السخيفة، وأذهانهم البعيدة الفاسدة، فخالفوا قول الله عز وجل:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء: ٣٦] وخالفوا صريح هذه الأحاديث المتواترة، والأحاديث الصريحة المشهورة في إعظام شهادة الزور، وخالفوا إجماع أهل الْحَلّ والْعَقْد، وغير ذلك من الدلائل القطعيات، في تحريم الكذب على آحاد الناس، فكيف بمن قوله شرعٌ، وكلامه وَحْيٌ، وإذا نُظِر في قولهم وُجِد كذبا على الله تعالى، قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣، ٤].
ومن أعجب الأشياء قولهم: هذا كذب له، وهذا جهل منهم بلسان العرب، وخطاب الشرع، فإن كل ذلك عندهم كذب عليه.
وأما الحديث الذي تعلقوا به، فأجاب العلماء عنه بأجوبة:
أحسنها، وأخصرها، أن قوله:"ليضل الناس" زيادة باطلة، اتفق الحفاظ على إبطالها، وأنها لا تعرف صحيحة بحال.
الثاني: جواب أبي جعفر الطحاوى أنها لو صحت لكانت للتأكيد، كقول الله تعالى:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ}[الأنعام: ١٤٤].
الثالث: أن اللام في "ليضل" ليست لام التعليل، بل هي لام الصيرورة والعاقبة، معناه أن عاقبة كذبه، ومصيره إلى الإضلال به، كقوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ