للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: ٨]، ونظائره في القرآن، وكلام العرب أكثر من أن يُحصَر، وعلى هذا يكون معناه: فقد يصير أمر كذبه إضلالًا.

وعلى الجملة مذهبهم أَرَكّ من أن يُعتنَى بإيراده، وأبعد من أن يُهتَمَّ بإبعاده، وأفسدُ من أن يُحتاج إلى إفساده. قاله النوويّ رحمه الله تعالى (١).

وقال العلّامة ابن عراق رحمه الله تعالى: أجمع المسلمون -كما قال النوويّ رحمه الله تعالى- الذين يُعتد بهم على تحريم تعمّد الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعلى أنه من الكبائر؛ لخبر: "من كذب عليّ، متعمّدًا، فليتبوّأ مقعده من النار"، بل بالغ الشيخ أبو محمد الجوينيّ، فكفّر به. ونقل الحافظ ابن كثير عن أبي الفضل الهمدانيّ، شيخ ابن عقيل من الحنابلة أنه وافق الجوينيّ على هذه المقالة. وقال الحافظ الذهبيّ في "كتاب الكبائر" له: ولا ريب أن تعمّد الكذب على الله تعالى، وعلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تحريم حلال، أو تحليل حرام كفر محض، وإنما الشأن في الكذب عليهما فيما سوى ذلك. والله تعالى أعلم.

وقد جَوّزت الكرّاميّة، وبعض المتصوّفة، كما قال الحافظ ابن حجر الكذب، قال الغزاليّ: وهذا من نزغات الشيطان، ففي الصدق مندوحة عن الكذب، وفيما ذكر الله تعالى، ورسوله -صلى الله عليه وسلم- غُنية عن الاختراع في الوعظ.

وقد أولوا حديث: "من كذب عليّ، متعمدًا الخ" بتأويلات باطلة:

[أحدها]: أن ذلك إنما ورد في رجل معيّن، ذهب إلى قوم، وادّعى أنه رسول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليهم، يحكم في دمائهم، وأموالهم، فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمر بقتله، وقال: "من كذب عليّ ... " الحديث (٢).


(١) "شرح صحيح مسلم" ١/ ٧٠ - ٧١.
(٢) رواه الطبراني في "الأوسط" من حديث عبد الله بن عمرو، وفيه أنه بعث أبا بكر وعمر ليقتلاه، فإن وجداه قد مات فليحرّقاه بالنار، فوجداه قد مات من لدغة حيّة، فحرقاه بالنار. وروى ابن عديّ في "الكامل" عن بُريدة، قال: كان حيّ من بني ليث =

<<  <  ج: ص:  >  >>