يَقُولَ في المتْنِ صَحِيحٌ قَيَّدَا ... بِسَنَدٍ خَوْفَ مَجِيءِ أَجْوَدَا
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة التاسعة): فيما يلزم الحديثيّ من تعلّم علم النحو ونحوه:
(اعلم): أنه ينبغي لقاريء الحديث أن يعرف من النحو، واللغة، وأسماء الرجال، ما يسلم به من قوله ما لم يُقَل، وإذا صح في الرواية ما يَعلَم أنه خطأ، فالصواب الذي علي الجماهير من السلف والخلف، أنه يرويه على الصواب، ولا يغيره في الكتاب، لكن يكتب في الحاشية، أنه وقع في الرواية كذا، وأن الصواب خلافه كذا، ويقول عند الرواية: كذا وقع في هذا الحديث، أو في روايتنا، والصواب كذا، فهذا أجمعُ للمصلحة، فقد يعتقده خطأ، ويكون له وجه يَعرِفه غيره، ولو فُتِح باب تغير الكتاب، لتجاسر علي غير أهله. قاله النوويّ رحمه الله تعالى.
وقال في "التدريب": ينبغي للشيخ أن لا يروي حديثه بقراءة لحان أو مصحف، فقد قال الأصمعي: إن أخوف ما أخاف على طالب العلم، إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من كَذَب علي فليتبوأ مقعده من النار"؛ لأنه لم يكن يَلحَن، فمهما رَوَيتَ عنه، ولحنت فيه كذبت عليه. وشكا سيبويه حمادَ بنَ سلمة إلى الخليل، فقال له: سألته عن حديث هشام بن عروة، عن أبيه، في رجل رَعُف، فانتهرني، وقال أخطأت إنما هو رَعَف -بفتح العين- فقال الخليل: صدق، أتلقى بهذا الكلام أبا أسامة؟.
وعلى طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يسلم به من اللحن والتصحيف، رَوَى الخطيب عن شعبة، قال: من طلب الحديث، ولم يبصر العربية، كمثل رجل عليه بُرْنُس، وليس له رأس. ورَوَى أيضا عن حماد بن سلمة قال: مثلُ الذي يطلب الحديث، ولا يعرف النحو مثل الحمار، عليه مِخْلاة ولا شعير فيها. ورَوَى الخليلي في "الإرشاد" عن العباس بن المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: جاء عبد العزيز الدراوردي في جماعة إلى أبي ليَعْرِضُوا عليه كتابا، فقرأ لهم الدراورديُّ، وكان