رديء اللسان يَلْحَن، فقال أبي: ويحك يا دراوردي، أنت كنت إلى إصلاح لسانك قبل النظر في هذا الشأن أحوج منك إلى غير ذلك.
وطريقه في السلامة من التصحيف الأخذُ من أفواه أهل المعرفة والتحقيق، والضبط عنهم، لا من بطون الكتب.
وإذا وقع في روايته لحن أو تحريف، فقد قال ابن سيرين، وعبد الله بن سخبرة، وأبو معمر، وأبو عبيد القاسم بن سلام، فيما رواه البيهقي عنهما: يرويه على الخطأ كما سمعه، قال ابن الصلاح: وهذا غُلُوّ في اتباع اللفظ، والمنع من الرواية بالمعنى، والصواب، وهو قول الأكثرين، منهم ابن المبارك، والأوزاعي، والشعبي، والقاسم بن محمد، وعطاء، وهمّام، والنضر بن شُميل أنه يرويه على الصواب، لا سيما في اللحن الذي لا يختلف المعنى به، واختار ابن عبد السلام تركَ الخطأ والصواب أيضا، حكاه عنه ابن دقيق العيد، أما الصواب فإنه لم يسمع كذلك، وأما الخطأ فلأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يَقُلْه كذلك.
وأما إصلاحه في الكتاب، وتغيير ما وقع فيه، فجوزه بعضهم أيضا، والصواب تقريره في الأصل على حاله، مع التضبيب عليه، وبيان الصواب في الحاشية، فإن ذلك أجمع للمصلحة، وأنفى للمفسدة، وقد يأتي من يَظهَرُ له وجه صحته، ولو فتح باب التغيير لجسر عليه من ليس بأهل، ثم الأولى عند السماع، أن يقرأه أوّلًا على الصواب، ثم يقول: وقع في روايتنا، أو عند شيخنا، أو من طريق فلان كذا، وله أن يقرأ ما في الأصل أوّلًا، ثم يذكر الصواب، وإنما كان الأوّلُ أَوْلَى، كيلا يتقول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم يقل، وأحسن الإصلاح أن يكون بما جاء في رواية أخرى، أو حديث آخر، فإن ذكره أمن من التقول المذكور.
وإن كان الإصلاح بزيادة الساقط من الأصل، فإن لم يغاير معنى الأصل، فلا بأس بإلحاقه في الأصل من غير تنبيه على سقوطه، بأن يعلم أنه سقط في الكتابة، كلفظة "ابن" في النسب، وكحرف لا يختلف المعنى به، وقد سأل أبو داود أحمدَ بن حنبل،