فقال: وجدت في كتابي حجاج "عن جريج" يجوز لي أن أصلحه ابن جريج؟ قال: أرجو أن يكون هذا لا بأس به. وقيل لمالك: أرأيت حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- يزاد فيه الواو والألف، والمعنى واحد؟ فقال: أرجو أن يكون خفيفا.
وإن غاير الساقط معنى ما وقع في الأصل، تأكد الحكم بذكر الأصل، مقرونا بالبيان لما سقط، فإن علم أن بعض الرواة له أسقطه وحده، وأن من فوقه من الرواة أَتَى به فله أيضا أن يُلحقه في نفس الكتاب، مع كلمة "يعني" قبله، كما فعل الخطيب، إذ رَوَى عن أبي عمر بن مهدي، عن المحاملي بسنده إلى عروة، عن عمرة -يعنى عن عائشة- قالت:"كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُدني إليّ رأسه، فأرجله "قال الخطيب: كان في أصل ابن مهدي "عن عمرة قالت: كان"، فألحقنا فيه ذكر عائشة، إذ لم يكن منه بُدّ، وعلمنا أن المحاملي كذلك رواه، وإنما سقط من كتاب شيخنا، وقلنا له ما فيه "يعني"؛ لأن ابن مهدي لم يقل لنا ذلك، قال: وهكذا رأيت غير واحد من شيوخنا يفعل في مثل هذا، ثم رَوَى عن وكيع، قال: أنا أستعين في الحديث بـ "يعني"، هذا إذا عُلم أن شيخه رواه له على الخطأ، فأما إن رواه في كتاب نفسه، وغلب على ظنه أن السقط من كتابه، لا من شيخه، فيتجه حينئذ إصلاحه في كتابه، وفي روايته عند تحديثه كما تقدم عن أبي داود.
كما إذا دَرَسَ من كتابه بعضُ الإسناد، أو المتن، بتقطع، أو بَلَلٍ، ونحوه، فإنه يجوز له استدراكه من كتاب غيره، إذا عَرَفَ صحتَهُ، ووثِقَ به، بأن يكون أخذه عن شيخه، وهو ثقة، وسكَنَت نفسه إلى أن ذلك هو الساقط، كذا قال أهل التحقيق، وممن فعله نُعيم بن حماد، ومنعه بعضهم، وإن كان معروفا محفوظا، نقله الخطيب عن أبي محمد بن ماسي، وبيانه حال الرواية أولى، قاله الخطيب.
وهكذا الحكم في استثبات الحافظ ما شك فيه، من كتاب غيره من الثقات، أو حفظه، كما رُوي عن أبي عوانة، وأحمد، وغيرهما، ويحسن أن يبين مرتبته، كما فعل يزيد ابن هارون وغيره، ففي "مسند أحمد": حدثنا يزيد بن هارون، أنا عاصم بالكوفة، فلم أكتبه، فسمعت شعبة يحدث به، فعرفته به، عن عاصم، عن عبد الله بن سَرْجِسَ، أن