للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كثيرًا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كذب عليّ "الحديث (١). ومنهم من سمع، وسكت، كعبد الملك بن إياس، وكأن هؤلاء تخوّفوا من إكثار الحديث الوقوعَ في الكذب والغلط، فقلّلوا، أو سكتوا، غير أن الجمهور خصّصوا عموم هذا الحديث، وقيّدوا مُطلقه بالأحاديث التي ذُكر فيها "متعمدًا"، فإنه يُفهم منها أن ذلك الوعيد الشديد إنما يتوجّه لمن تعمّد الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذه الطريقة هي المرضيّة، فإنها تجمع بين مختلفات الأحاديث؛ إذ هي تخصيص العموم، وحملُ المطلق على المقيّد مع اتّحاد الموجَب والموجَب، كما قَرَّرناه في الأصول.

هذا مع أن القاعدة الشرعيّة القطعيّة تقتضي أن المخطىء والناسي غير آثمين، ولا مؤاخذين، لا سيّما بعد التحرّز والحذر. انتهى كلام القرطبيّ (٢)، وهو بحث نفيس جدًّا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عليّ -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا (٤/ ٣١) عن عبد الله بن عامر بن زُرارة، وإسماعيل بن موسى، جميعًا عن شريك، عن منصور، عن ربعيّ بن حراش، عنه، و (البخاريّ) في (العلم) (١/ ٣٨ رقم ١٠٣) عن عليّ بن الجعد، عن شعبة، عن منصور به. و (مسلم) في "المقدمة" (١/ ٧) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن غندر، عن شعبة ح وعن محمد بن المثنى وابن بشار كلاهما عن غندر، عن شعبة به. و (الترمذيّ) في "العلم" (٢٦٦٠) عن إسماعيل بن موسى الفزاريّ، عن شريك بن عبد الله، عن منصور به. و (٣٧١٥) عن


(١) رواه مسلم (٢) والترمذيّ (٢٦٦٣).
(٢) "المفهم" ١/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>