للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعبادةَ الأوثان، وأخلصوا لله بالعبادة. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: المتقون الذين يَحذَرون من الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى، ويرجون رحمته في التصديق بما جاء به. وقال الحسن: المتقون اتَّقَوا ما حرم الله عليهم، وأَدَّوا ما افترض الله عليهم. وقال عمر بن عبد العزيز: ليس تقوى الله بصيام النهار، ولا بقيام الليل، والتخليطِ فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله تركُ ما حرم الله، وأداءُ ما افترض الله، فمن رُزق بعد ذلك خيرًا فهو خير إلى خير. وقال طلق بن حبيب: التقوى أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله. وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: تَمام التقوى أن يتقي الله العبدُ حتى يتقيه من مثقال ذرة، وحتى يترك بعض ما يَرَى أنه حلال خشيةَ أن يكون حرامًا، يكون حجابا بينه وبين الحرام، فإن الله قد بَيَّن للعباد الذي يُصَيِّرُهم إليه فقال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة:٧، ٨]، فلا تَحقِرَنَّ شيئا من الخير أن تفعله، ولا شيئا من الشر أن تتقيه. وقال الحسن: ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرا من الحلال مخافةَ الحرام.

وقال الثوري: إنما سُمُّوا متقين؛ لأنهم اتقوا ما لا يُتَقَى. وقال موسى بن أَعْيَن: المتقون تَنَزَّهُوا عن أشياء من الحلال مخافةَ أن يَقَعُوا في الحرام، فسماهم الله متقين.

وأخرج الشيخان من حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما مرفوعًا: "ومن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه". وقد أخرج الترمذيّ، والمصنّف من حديث عطيّة السعديّ -رضي الله عنه- مرفوعًا: "لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتيى يَدَع ما لا بأس به حَذرًا مما به بأس" (١).

وقال ميمون بن مِهْرَان: المتقي أشد مُحَاسبةً لنفسه من الشريك الشحيح لشريكه.


(١) حديث ضعيف، في سنده عبد الله بن يزيد الدمشقيّ ضعيف، أخرجه الترمذيّ برقم ٢٣٧٥ وسيأتي للمصنّف في "كتاب الزهد" برقم ٤٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>