وكان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- يقول في خطبه: أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله، وأن تُثنُوا عليه بما هو أهله، وأن تَخلِطوا الرغبة بالرهبة، وتجمعوا الإلحاف بالمسألة، فإن الله عز وجل أثني على زكريا وأهل بيته، فقال:{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ في الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}[الأنبياء: ٩٠](١). ولمّا حضرته الوفاة، وعَهِد إلى عمر -رضي الله عنه- دعاه، فوصّاه بوصيته، وأول ما قال له: اتق الله يا عمر.
وكتب عمر إلى ابنه عبد الله: أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله عز وجل، فإنه من اتقاه وقاه، ومن أقرضه جزاه، ومن شكره زاده، واجعل التقوى نُصْبَ عينيك، وجَلاءَ قلبك. واستعمل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- رجلا على سرية، فقال له: أوصيك بتقوى الله عز وجل الذي لا بُدّ لك من لقائه، ولا مُنتهَى لك دونه، وهو يملك الدنيا والآخرة.
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل: أوصيك بتقوى الله عز وجل التي لا يَقبَل غيرها، ولا يَرحَم إلا أهلها، ولا يُثيب إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل، جعلنا الله وإياك من المتقين.
ولما وُلِّي خطب، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أوصيكم بتقوى الله عز وجل، فإن تقوى الله عز وجل خَلَفٌ من كل شيء، وليس من تقوى الله خَلَف.
وقال رجل ليونس بن عبيد: أوصني فقال: أوصيك بتقوى الله والإحسان، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. وقال له رجل يريد الحج: أوصني، فقال له: اتق الله فمن اتقى الله فلا وحشة عليه. وقيل لرجل من التابعين عند موته: أوصنا، فقال: أوصيكم بخاتمة سورة النحل: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل: ١٢٨]. وكتب رجل من السلف إلى أخ له: أوصيك بتقوى الله، فإنها من أكرم
(١) أخرجه الحاكم في "المستدرك" ٢/ ٣٨٤ وأبو نعيم في "الحلية" ١/ ٣٥ قال الحاكم: هذا صحيح الإسناد، وتعقّبه الذهبيّ، فقال: عبد الرحمن بن إسحاق كوفيّ ضعيف.