للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أرأيت إن كان علينا أمراء لا يستنون بسنتك، ولا يأخذون بأمرك، فما تأمر في أمرهم؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا طاعة لمن لم يُطع الله عز وجل" (١)، وأخرج ابن ماجه من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "سيلي أموركم بعدي رجال يُطفئون السنة بالبدعة، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها"، فقلت: يا رسول الله إن أدركتهم كيف أفعل؟ قال: "لا طاعة لمن عصى الله" (٢).

وفي أمره -صلى الله عليه وسلم- باتباع سنته، وسنة الخلفاء الراشدين بعد أمره بالسمع والطاعة لولاة الأمور عمومًا دليل على أن سنة الخلفاء الراشدين مُتَّبَعَة كاتباع السنة، بخلاف غيرهم من ولاة الأمور.

وفي "مسند الإمام أحمد"، و"جامع الترمذي"، و"سنن ابن ماجه" عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- جلوسًا، فقال: إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم، فاقتدوا بالذين من بعدي -وأشار إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما- وتمسكوا بعهد عمار، وما حدثكم به ابن مسعود فصدقوه وفي رواية: "فتمسكوا بعهد ابن أم عبد، واهتدوا بهدي عمار" (٣). فنص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في آخر عمره على من يُقتَدَى به مِن بعده.

وقد اختلف العلماء في إجماع الخلفاء الأربعة هل هو إجماع، أو حجة مع مخالفة غيرهم من الصحابة أم لا، وفيه روايتان عن الإمام أحمد، وحكم أبو خازم الحنفي في زمن المعتضد بتوريث ذوي الأرحام، ولم يَعتَدّ بمن خالف الخلفاء، ونفذ حكمه بذلك في الآفاق.

ولو قال بعض الخلفاء الأربعة قولًا، ولم يخالفه منهم أحد، بل خالفه غيره من الصحابة، فهل يُقَدَّم قوله على قول غيره؟ فيه قولان أيضا للعلماء، والمنصوصُ عن


(١) أخرجه أحمد ٣/ ٢١٣ وحسّن بعضهم إسناده، وفيه عمرو بن زنيب، وثقه ابن حبّان.
(٢) حديث صحيح سيأتي للمصنّف برقم ٢٨٦٥.
(٣) حديث صحيح، أخرجه أحمد ٥/ ٣٨٢ - ٣٩٩ و٤٠٠ والترمذيّ برقم ٣٦٦٣ ويأتي للمصنّف مختصرًا برقم ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>