للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أيضًا: البدعة ما خالفت الكتاب، والسنّة، أو إجماع سلف الأمة من الاعتقادات، والعبادات، كأقوال الخوارج، والروافض، والقدريّة، والجهميّة، وكالذين يتعبّدون بالرقْصِ، والغناء في المساجد، والذين يتعبّدون بحلق اللحى، وأكل الحشيشة، وأنواع ذلك من البدع التي يتعبّد بها طوائف من المخالفين للكتاب والسنّة (١).

وقال أيضًا: فمن ندب إلى شيء يُتقرّب به إلى الله، أو أوجبه بقوله، أو فعله من غير أن يشرعه الله، فقد شرع من الدين مما لم يأذن به الله (٢).

وقال أيضًا: السنّة هي ما قام الدليل الشرعيّ عليه بأنه طاعة لله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، سواء فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو فُعل في زمانه، أولم يفعله، ولم يُفعل في زمانه؛ لعدم المقتضي حينئذ لفعله، أو وجود المانع منه.

فإذا ثبت أنه أمر به، أو استحبّه فهو سنّة، كما أمر بإجلاء اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وكما جمع الصحابةُ القرآن في المصحف، وكما داوموا على قيام رمضان في المسجد جماعةً، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تكتبوا عني غير القرآن، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه"، فشرَع كتابة القرآن، وأما كتابة الحديث فنهى عنه أولًا، وذلك منسوخٌ عند جمهور العلماء بإذنه لعبد الله بن عمرو أن يكتب عنه ما سمعه في الغضب والرضا، وبإذنه لأبي شاهٍ أن تُكتب له خطبته عام الفتح، وبما كتبه لعمرو بن حزم من الكتاب الكبير الذي كتبه له لمّا استعمله على نجران، وبغير ذلك.

والمقصود هنا أن كتابة القرآن مشروعةٌ، لكن لم يجمعه في مصحف واحد؛ لأن نزوله لم يكن تمّ، وكانت الآية قد تُنسخ بعد نزولها، فلوجود الزيادة والنقص لم يمكن جمعه في مصحف واحد حتى مات -صلى الله عليه وسلم-، وكذا قيام رمضان، قد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة"، وقام في أول الشهر بهم ليلتين، وقام في


(١) "مجموع الفتاوى" ٣/ ١٩٥.
(٢) "المصدر السابق" ٣/ ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>