للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"إنّ" (انْتِزَاعًا) يحتمل أن يكون نصبه على أنه مفعول مطلقٌ لـ "يَقبضُ"، مثلُ رجع القهقرى، وقعد جلوسًا، ويحتمل أن يكون مفعولا مطلقًا مقدّمًا على فعله، وهو "ينتزعه"، والجملة حال من الضمير في "يقبضه"، ويحتمل أن يكون حالًا من "العلم" بمعنى مُنتَزعًا (١).

والمراد بالعلم هو العلم الشرعيّ الذي هو علم الكتاب والسنّة؛ لأنه المراد عند الإطلاق، لا العلم الدنيويّ؛ لأنه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يُبعث من أجله بدليل ما أخرجه مسلم رحمه الله تعالى في "صحيحه" رقم (٢٣٦٣) من حديث عائشة، وأنس رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مَرّ بقوم يُلَقِّحُون فقال: "لو لم تفعلوا لَصَلَحَ"، قال: " فخرج شِيصًا (٢)، فَمَرّ بهم، فقال: "ما لنخلكم؟ قالوا: "قلت: كذا وكذا، قال: "أنتم أعلم بأمر دنياكم".

وأخرجه المصنّف في "كتاب الأحكام": (٢٤٦٢): وأحمد رقم (٢٣٧٧٣) من حديثهما بلفظ: "أَن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع أصواتا، فقال: ما هذا الصوتُ؟ "، قالوا: النخل يُؤبّرونها، فقال: "لو لم يفعلوا لصلح، فلم يؤبروا عامئذٍ، فصار شيصًا، فذكروا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "إن كان شيئًا من أمر دنياكم فشأنُكُم به، وإن كان من أمور دينكم فإليّ".

وأخرجه أحمد في "مسنده" رقم (١٢٠٨٦) من حديث أنس -رضي الله عنه- وحده، ولفظه: قال: سمع رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أصواتا، فقال: "ما هذا؟ قالوا: يُلَقِّحون النخل، فقال: "لو تركوه، فلم يُلَقِّحوه لصلح"، فتركوه، فلم يُلَقِّحوه، فخرج شِيصًا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما لكم؟ قالوا: تركوه لمّا قلت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان شيء من أمر دنياكم، فأنتم أعلم به، فإذا كان من أمر دينكم فإليّ".

(يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ) أي مَحْوًا من الصدور. قال ابن بطّال رحمه الله تعالى: معناه


(١) راجع "عمدة القاري" ٢/ ٨٩.
(٢) هو التمر الذي لا يشتدّ نواه، ويقوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>