للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

متعلّق بـ "أشدّ"، وفيه -كما الطيبيّ- وضع المظهر موضع الضمر، إذ الظاهر أن يقول: "منكم". أي بأشدّ مجادلة منكم (لِرَبِّهِمْ) متعلّقٌ بـ "مجادلة"، وكذا قوله (في إِخْوَانِهِمِ الَّذِينَ أُدْخِلُوا النَّارَ) ببناء الفعل للمفعول: أي الذين أدخلهم الله تعالى النار بسبب أعمالهم السيّئة.

والمعنى إنّ مجادلةَ المؤمنين بعضِهم لبعضٍ في الدنيا بسبب حقّ يثبت لهم، لا تكون أشدّ من مجادلة المؤمنين لربهم سبحانه وتعالى في الآخرة، حين يؤذن لهم بدخول الجنة، وقد أُدخِل إخوانهم النار بسبب سيّئاتهم، فيناشدون الله سبحانه وتعالى أن يُخرِج إخوانهم من النار، فيدخلوا معهم الجنة، كما يشير إلى هذا قوله: "يقولون: ربنا إخواننا كانوا يصلّون معنا إلخ". وهذا المعنى واضح.

ووقع عند مسلم في "صحيحه بلفظ": "فوالذي نفسي بيده ما من أحد منكم بأشدّ مناشدةً لله في استقصاء الحقّ من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار".

قال النوويّ في "شرحه": [اعلم]: أن هذه اللفظة -يعني استقصاء- ضُبِطت على أوجه: أحدها: "استيضاء" بتاء مثناة من فوقُ، ثم ياء مثناة من تحتُ، ثم ضاد معجمة. والثاني: "استضاء" بحذف المثناة من تحتُ. والثالث: "استيفاء" بإثبات المثناة من تحت، وبالفاء بدل الضاد. والرابع: "استقصاء" بمثناة من فوقُ ثم قاف، ثم صاد مهملة.

فالأول: موجود في كثير من الأصول ببلادنا.

والثاني: هو الموجود في أكثرها، وهو الموجود في "الجمع بين الصحيحين" للحميدي.

والثالث: في بعضها، وهو الموجود في "الجمع بين الصحيحين" لعبد الحق الحافظ.

والرابع: في بعضها، ولم يذكر القاضي عياض غيره، وادّعى اتفاق النسخ عليه، وادّعى أنه تصحيف ووهم، وفيه تغيير، وأن صوابه ما وقع في كتاب البخاري، من رواية ابن بُكير "بأشدّ مُناشدةً لي في استقصاء الحق" -يعنى في الدنيا- من المؤمنين لله

<<  <  ج: ص:  >  >>