للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حذيفة بن أَسِيد اختَلَفت ألفاظ نقلته، فبعضهم جزم بالأربعين، كما في حديث ابن مسعود، وبعضهم زاد ثنتين، أو ثلاثًا، أو خمسًا، أو بضعًا، ثم منهم من جزم، ومنهم من تردد، وقد جمع بينها القاضي عياض بأنه ليس في رواية ابن مسعود بأن ذلك يقع عند انتهاء الأربعين الأولى، وابتداء الأربعين الثانية، بل أطلق الأربعين، فاحتمل أن يريد أن ذلك يقع في أوائل الأربعين الثانية.

ويحتمل أن يُجمَع الاختلاف في العدد الزائد على أنه بحسب اختلاف الأجنة، وهو جيد، لو كانت مخارج الحديث مختلفة، لكنها متحدة، وراجعة إلى أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد، فدل على أنه لم يَضبِط القدر الزائد على الأربعين، والخطب فيه سهل، وكلُّ ذلك لا يدفع الزيادة التي في حديث مالك بن الحويرث في إحضار الشَّبَه في اليوم السابع، وأن فيه يبتدىء الجمع بعد الانتشار، وقد قال ابن منده: إنه حديث متصل على شرط الترمذي والنسائي، واختلاف الألفاظ بكونه في البطن، وبكونه في الرحم، لا تأثير له؛ لأنه في الرحم حقيقة، والرحم في البطن، وقد فَسَّرُوا قوله تعالى: {في ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} [الزمر: ٦] بأن المراد ظلمة المَشِيمَة، وظلمة الرحم، وظلمة البطن، فالمشيمة في الرحم، والرحم في البطن (١).

(ثُمَّ يَكُونُ) أي يصير خَلْقُ أحدكم، أي مادّةُ خلقه، وهي النطفة (عَلَقَةً) بفتحتين: أي دمًا جامدًا غليظًا، وسُمّي بذلك للرطوبة التي فيه، وتَعَلُّقه بما مَرّ به (مِثْلَ ذَلِكَ) أي مثل الزمن المذكور، وهو الأربعون.

ووقع في رواية مسلم بلفظ: "ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك"، قال القرطبيّ: "ذلك" الأول إشارة إلى المحلّ الذي اجتمعت فيه النطفة، وصارت علقةً، و"ذلك" الثاني إشارة إلى الزمان الذي هو الأربعون. انتهى (٢).


(١) راجع "الفتح" ١١/ ٥٨٥ - ٥٨٦.
(٢) "المفهم" ٦/ ٦٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>