للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أنس، فحَدّث به مُفَرَّقًا، فحفظ بعض أصحابه ما لم يحفظ الآخر عنه، فيقوى على هذا أن الجميع مرفوع، وبذلك جزم المحب الطبري، وحينئذ تُحمَل رواية سلمة بن كهيل، عن زيد بن وهب على أن عبد الله بن مسعود لتحقق الخبر في نفسه أقسم عليه، ويكون الإدراج في القسم، لا في المقسم عليه، وهذا غاية التحقيق في هذا الموضع، ويؤيد الرفع أيضا أنه مما لا مجال للرأي فيه، فيكون له حكم الرفع.

[تنبيه]: قد اشتملت جملة "فوالذي نفسي بيده الخ" على أنواع من التأكيد، منها: التأكيد بالقسم، ووصف المقسم به، وبـ "إنّ"، وباللام، والأصل في التأكيد أنه يكون لمخاطبة المنكِر، أو المستبعِد، أو من يُتَوَهّم فيه شيء من ذلك، وهنا لمّا كان الحكم مستبعدًا، وهو دخول مَنْ عمل الطاعة طول عمره النارَ، وبالعكس حَسُنَ المبالغة في تأكيد الخبر بذلك. والله أعلم.

(إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ) الباء زائدة، والأصل ليعمل عملَ أهل الجنة؛ لأن قوله: "عَمَلَ" إما مفعول مطلق، وإما مفعول به، وكلاهما مُستَغنٍ عن الحرف، فكان زيادة الباء للتأكيد، أو ضُمِّن "يعمل" معنى يَتَلَبّس في عمله بعمل أهل الجنة.

يعني أنه عمل أهل الجنة من الطاعات الاعتقادية، والقولية، والفعلية، ثم يحتمل أن الحفظة تكتب ذلك، ويُقبل بعضها، ويرد بعضها، ويحتمل أن تقع الكتابة، ثم تمحى، وأما القبول فيتوقف على الخاتمة.

(حَتَّى مَا يَكُونَ) قال الطيبي: "حتى" هنا هي الناصبة، و"ما" نافية، ولم تَكُفَّ "حتى" عن العمل في "يكون"، فهو منصوب بـ "حتى". وأجاز غيره أن تكون "حتى" ابتدائية، فـ "يكون" على هذا بالرفع، وهو مستقيم أيضًا.

(بَيْنه وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ) كناية عن غاية القرب. ووقع عند البخاريّ بلفظ: "غير ذراع، أو باع"، وفي رواية: "باع أو ذراع"، وفي رواية: "إلا ذراع"، من دون شكّ.

قال في "الفتح": والتعبير بالذراع تمثيل بقرب حاله من الموت، فيحال من بينه

<<  <  ج: ص:  >  >>