وبين المكان المقصود بمقدار ذراع أو باع من المسافة، وضابطُ ذلك الحسيّ الغرغرة التي جُعلت علامةً لعدم قبول التوبة.
وقد ذَكَر في هذا الحديث أهلَ الخير صِرْفًا، وأهل الشر صِرْفًا إلى الموت، ولا ذكر للذي خَلَطُوا، وماتوا على الإسلام؛ لأنه لم يُقصَد في الحديث تعميم أحوال المكلفين، وإنما سيق لبيان أن الاعتبار بالخاتمة. انتهى.
(فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ) وفي رواية للبخاريّ: "كتابه" قال الطيبيّ: الفاء للتعقيب على حصول السبق بلا مُهلة، وضَمّن "يسبق" معنى يَغْلِب فعدّاه بـ "على": أي يغلب عليه الكتاب، وما قُدّر عليه سبقًا بلا مُهلة، فعند ذلك يعمل بعمل أهل الجنّة، أو أهل النار. انتهى كلام الطيبيّ ببعض تصرّف (١).
وقال في "الفتح": قوله: "عليه" في موضع نصب على الحال: أي يسبق المكتوب واقعًا عليه. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله الطيبيّ من التضمين أوضح. والله تعالى أعلم.
(فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا) قال في "الفتح": ظاهره أنه يعمل بذلك حقيقةً، ويُختم له بعكسه، وثبت في حديث سهل بلفظ:"ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس"، وهو محمول على المنافق والمرائي، بخلاف حديث الباب، فإنه يتعلق بسوء الخاتمة.
قال: والمراد بسبق الكتاب سبق ما تضمنه على حذف مضاف، أو المراد المكتوب، والمعنى أنه يتعارض عمله في اقتضاء السعادة، والمكتوب في اقتضاء الشقاوة، فيتحقق مقتضى المكتوب، فعبر عن ذلك بالسبق؛ لأن السابق يحصل مراده دون المسبوق، ولأنه لو تمثل العمل والكتاب شخصين ساعيين، لظفر شخص الكتاب، وغُلِب شخص