مضغة الخ، فمتى وَضَعَت علقة عُرِف أن النطفة خرجت عن كونها نطفة، واستحالت إلى أول أحوال الولد.
قال الجامع عفا الله عز وجل تعالى عنه: ما قاله الأولون أظهر، فليُتأمّل. والله تعالى أعلم.
١٤ - (ومنها): أن كلا من السعادة والشقاء، قد يقع بلا عمل ولا عُمْر، وعليه ينطبق قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الله أعلم بما كانوا عاملين"، وهذا البحث قد استوفيته في "شرح النسائيّ" عند شرح الحديث المذكور، فراجعه برقم (١٩٤٩) وبالله تعالى التوفيق.
١٥ - (ومنها): أن فيه الحثَّ القويَّ على القناعة، والزجرَ الشديد عن الحرص؛ لأن الرزق إذا كان قد سبق تقديره لم يُغنِ التعني في طلبه، وإنما شُرع الاكتساب؛ لأنه من جملة الأسباب التي اقتضتها الحكمة في دار الدنيا.
١٦ - (ومنها): أن فيه أن الأعمال سبب دخول الجنة أو النار، وهو معنى قوله تعالى:{وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[الزخرف: ٧٢]، ولا يعارض ذلك حديث:"لن يُدخل أحدًا عمله الجنّة"؛ لما سيأتي في المسألة التالية من الجمع بينهما -إن شاء الله تعالى-.
١٧ - (ومنها): أن من كُتِب شقيا لا يُعلَم حاله في الدنيا وكذا عكسه، واحتج من أثبت ذلك بحديث عليّ -رضي الله عنه- المتّفق عليه:"أما من كان من أهل السعادة، فإنه يُيَسَّر لعمل أهل السعادة ... " الحديث.
والتحقيق أن يقال: إن أريد أنه لا يُعلم أصلًا ورأسًا فمردود، وإن أريد أنه يُعلم بطريق العلامة المثبتة للظن الغالب فنعم، ويُقَوِّي ذلك في حق من اشتَهَر له لسانُ صدق بالخير والصلاح، ومات على ذلك؛ لقوله في الحديث الصحيح المتّفق عليه:"أنتم شُهداء الله في الأرض"، وإن أريد أنه يُعلم قطعًا لمن شاء الله أن يُطلِعه على ذلك، فهو من جملة الغيب الذي استَأْثَرَ الله بعلمه، وأطلَع من شاء ممن ارتضى من رسله عليه.
١٨ - (ومنها): أن فيه الحثَّ على الاستعاذة بالله تعالى من سوء الخاتمة، وقد عَمِل به جمع جَمٌّ من السلف، وأئمة الخلف، وأما ما قال عبد الحق في "كتاب العاقبة": إن