سوء الخاتمة لا يقع لمن استقام باطنه، وصلح ظاهره، وإنما يقع لمن في طويته فساد أو ارتياب، ويَكُثر وقوعه للمُصِرّ على الكبائر، والمجترىء على العظائم، فيَهْجُمُ عليه الموت بغتة، فيَصْطَلِمه الشيطان، عند تلك الصدمة، فقد يكون ذلك سببًا لسوء الخاتمة -نسأل الله السلامة- فهو محمول على الأكثر الأغلب. قاله في "الفتح"(١).
وقد أورد الحافظ ابن رجب رحمه الله في "جامع العلوم والحكم" بعض ما ورد عن السلف من خوفهم سوء الخاتمة أعاذنا الله تعالى منها، فأورد حديث "الصحيحين" عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- أن النبيّ -رضي الله عنه- التقى هو والمشركون، وفي أصحابه رجل لا يَدَعُ شاذّةً، ولا فاذّةً إلا اتبعها، يضربها بسيفه، فقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحدٌ كما أجزأ فلان، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هو من أهل النار"، فقال رجل من القوم: أنا أصاحبه، فاتّبعه، فجُرح الرجل جرحًا شديدًا، فاستعجل الموت، فوضع نَصْل سيفه على الأرض، وذُبَابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه، فقتل نفسه، فخرج الرجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،، فقال: أشهد أنك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقَصّ عليه القصة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة"، زاد البخاري في رواية له:"إنما الأعمال بالخواتيم".
وقوله:"فيما يبدو للناس" إشارةٌ إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك، وإن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسةٍ باطنة للعبد لا يَطَّلِع عليها الناسُ، إما من جهة عمل سيىء ونحو ذلك، فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار، وفي باطنه خصلة خفيةٌ من خصال الخير، فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره، فتوجب له حسن الخاتمة.
قال عبد العزيز بن أبي رَوّاد حضرتُ رجلًا عند الموت يُلَقَّنُ "لا إله إلا الله"،