للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول، ومات على ذلك، قال: فسألت عنه، فإذا هو مدمن خمر، وكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب، فإنها هي التي أوقعته.

وفي الجملة فالخواتيم ميراث السوابق، فكل ذلك سبق في الكتاب السابق، ومن هنا كان يشتد خوف السلف من سوء الخواتيم، ومنهم من كان يَقْلَقُ من ذكر السوابق.

وقد قيل: إن قلوب الأبرار معلقة بالخواتيم، يقولون: بماذا يُختَم لنا، وقلوب المقربين معلقة بالسوابق، يقولون: ماذا سبق لنا.

وبكى بعض الصحابة عند موته، فسئل عن ذلك، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله تعالى قبض خلقه قبضتين، فقال هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار"، ولا أدري في أي القبضتين كنت؟ (١).

قال بعض السلف: ما أبكَى العيونَ ما أبكاها الكتاب السابق. وقال سفيان لبعض الصالحين: هل أبكاك قط علم الله فيك؟ فقال له ذلك الرجل: تركني لا أفرح أبدًا. وكان سفيان يشتد قلقه من السوابق والخواتيم، فكان يبكي ويقول: أخاف أن أكون في أم الكتاب شقيا، ويبكي ويقول: أخاف أن أُسلب الإيمان عند الموت. وكان مالك بن دينار يقوم طولَ ليله قابضًا على لحيته، ويقول: يا رب قد علمتَ ساكن الجنة من ساكن النار، ففي أيٍّ مالكٌ؟. وقال حاتمٌ الأصمّ: من خلا قلبه من ذكر أربعة أخطار، فهو مُغْتَرٌّ، فلا يَأمَن الشقاء:

(الأولُ): خطر يوم الميثاق، حين قال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي، فلا يَعلَم في أيّ الفريقين كان.

(والثاني): حين خُلق في ظلمات ثلاث، فنادى الملك بالشقاوة والسعادة، ولا يَدرِي أَمِنَ الأشقياء هو أم من السعداء.

(والثالث): ذكر هول الطلع فلا يَدرِي أيبشر برضا الله أم بسخطه.


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" ٤/ ١٧٦ - ١٧٧ بإسناد صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>