وقد ورد الوعيد الشديد لاهل الغناء والمعازف في أكثر من عشرين حديثاً ذكرتها في كتابي «فصل الخطاب في الرد على أبي تراب» فلتراجع هناك, وفي اكثرها الوعيد لهم ولشاربي الخمر بالخسف والقذف والمسخ. وما كان الامر فيه هكذا فهو من الفنون القبيحة.
الوجه الثالث عشر ان الغناء يغير العقل وينقص الحياء ويهدم المروءة ولهذا يرقص اهله كما ترقص القرود والدباب ويتمايلون كما يتمايل المجانين والسكارى ويصفقون كما تصفق النساء ولا يرون بهذه الروعونات بأسا. ومن له ادنى عقل لا يخفى عليه قبح هذه الأفعال ومضادتها للعقل وللحياء والمروءة. فالغناء اذاً فن قبيح.
قال الحافظ ابو الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى الغناء يخرج الانسان عن الاعتدال ويغير العقل وبيان هذا ان الانسان اذا طرب فعل ما يستقبحه في حال صحته من غيره من تحريك رأسه وتصفيق يديه ودق الارض برجليه الى غير ذلك مما يفعله اصحاب العقول السخيفة. والغنا يوجب ذلك بل يقارب فعله فعل الخمر في تغطية العقل, فينبغي أن يقع المنع منه انتهى.
الوجه الرابع عشر ان الغناء من لذات الفساق كما ان الزنا وشرب الخمر من لذاتهم ايضا. فهل يقول عاقل ان الزنا فن جميل لانه لذيذ الى النفس او ان شرب الخمر فن جميل لانه لذيذ الى المفتونين به. كلا لايقول هذا عاقل ابدا.
وكذلك لا يقول عاقل ان الغناء فن جميل من اجل التذاذ الفساق به. الوجه الخامس عشر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال «ان الله جميل يحب الجمال» رواه الامام احمد ومسلم والترمذي من حديث