واما قوله: دع عنك ما يتشدق به المتزمتون من ان الدين يحظره وان الشرع لا يبيحه.
فجوابه من وجهين. احدهما ان يقال ان الذين يحرمون الغناء ليسوا بالمتشدقين ولا بالمتزمتين كما رماهم بذلك صاحب النبذة بغياً وظلماً. وانما هم متمسكون بما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك ومتبعون لخيار هذه الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة العلم والهدي من بعدهم. ومن سار على الصراط المستقيم فليس بمتشدق ولا متزمت وانما المتشدق من اتبع غير سبيل المؤمنين وجادل بالباطل ليدحض به الحق كصاحب النبذة واشباهه.
الوجه الثاني ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الغناء وسماه الصوت الاحمق الفاجر وقرنه بالنياحة واخبر انه ملعون في الدنيا والآخرة. وأخبر أيضا ان أقواماً من أمته يستحلونه وان الله يخسف بهم الارض ويجعل منهم القردة والخنازير. وقرن استحلاله باستحلال الزنا والخمر ولبس الحرير للرجال. فهل يقول صاحب النبذة ان هذا تشدق وتزمت. وهل يقول ايضا ان اقوال الصحابة والتابعين وتابعيهم في ذم الغناء والمنع عنه كلها تشدق وتزمت. أم ماذا يجيب به عن كلامه السيء الذي لم يتأمل فيه وفيما يترتب عليه.